الأحد، 28 سبتمبر 2025

وهم الشيخوخة «[1]» بقلم علوي القاضي

«[1]» وهم الشيخوخة «[1]»
تعليق وتحليل : د/علوي القاضي . 
... من حكمة الله في خلق الإنسان ، أن الإنسان فسيولوجيا يمر في حياته بثلاث مراحل :
★ (الأولى) مرحلة [الطفولة والصبا] وتتميز بزيادة معدل النمو عن معدل الهدم ولذلك ينمو الطفل 
★ (الثانية) مرحلة [الشباب] وفيها يتساوى معدل النمو ومعدل الهدم ولذلك يستقر نمو الشباب 
★ (الثالثة) مرحلة [الشيخوخة] وتتميز بأن معدل النمو أقل بكثير من معدل الهدم ولذلك تظهر أعراض الشيخوخة   
... فالشيخوخة تمثل هاجسا أبديا للإنسان ، لأننا في لحظة ما ، نستيقظ لنكتشف أن شبابنا قد إنسحب بهدوء ، دون أن يلوّح بيديه ، ويودعنا بدون ضجيج
... لكنه لا يرحل وحيدًا ، بل يأخذ معه مخاوفنا الصغيرة ، وحرصنا المبالغ فيه على إرضاء الآخرين ، وخشيتنا القديمة من ألا نكون مكتفون بمتع الدنيا
... يرحل الشباب وفي مكانه ، يترك لنا إيقاعًا أبطأ ، لكنه أكثر ثباتًا وحكمة ، لنقول وداعًا بلا خوف ، ورقيا لنقدّر من إختار البقاء قربنا وتفضل علينا بتهوين الدنيا علينا ، وقوة لنكون نحن ، بلا إعتذارات ولا أقنعة
... فـ (الشيخوخة) إذا ليست خسارة ، بل تحرّر ، فهي فنّ التقبّل ، والقدرة على الإنفلات من الأثقال ، والرؤية الواضحة أن (الجمال) لم يكن يومًا أسير المرآة ، بل كان دائمًا يسكن في كل حكاية عشناها ، وفي كل ندبة تركتها الأيام على جسدنا ، وفي كل قوة صامتة نحملها داخلنا ، فـ (لباس الشيخوخة) هدية ، فارتدوه بكرامة
... أشهر نموذج قاوم الشيخوخة قولا وعملا ، الممثلة العالمية (ميريل ستريب) فهي تمثل منارةً للرقيّ والحكمة والحيوية التي لا تلين في عالمٍ يُقدّر الشباب أكثر من الخبرة
... وتُقدّم هذه الممثلة المرموقة ، المعروفة بأدائها الخالد وتجسيدها العميق للشخصيات ، منظورًا مُنعشًا للشيخوخة 
... ولا تقتصر فلسفة (ستريب) على أنها يجب أن تتقبّل التقدم في السنّ (الشيخوخة) فحسب ، بل تحتفي أيضًا بالعمق الذي تضفيه على حياتها وفنها
... من فلسفة (ميريل ستريب) ، أن التقدم في السن ليس تراجعًا ، بل هو (تطور مرحلي) مستمر في مسيرة الحياة
... وترى كل عام يمر من عمرها فصلًا جديدًا ، حافلًا بفرص النمو والتعلم
... هذه الفلسفة تُمكّنها من أداء أدوارها بعمق ، التي تلقى صدى لدى الجمهور من جميع الأعمار
... وغالبًا ما تُناقش (ستريب) في أدوارها التمثيلية الجانب المُحرِّر للشيخوخة ، مُؤكّدةً على أن التقدم في السن يُضفي نوعًا من الحرية ، تخفيفًا للضغوط التي كانت تُثقل كاهلها في شبابها
... في مقابلاتها إعلاميا ، سلطت (ستريب) الضوء على كيف مكّنها التقدم في السن (الشيخوخة) أمام الجمهور من إختيار (أدوار) تتحدى معايير الصناعة ، وتُصوّر النساء كشخصيات رائدة ومعقدة ، بغض النظر عن أعمارهن
... وتعكس خياراتها للأدوار هذه الروح ، إذ تكسر باستمرار الحواجز التي غالبًا ما تُهمّش الممثلات الأكبر سنًا
... لذلك تعتبر (ستريب) (الأصالة) في الأدوار قيمة في حد ذاتها ومن أهم العناصر المهمة في نهجها تجاه الشيخوخة ، ففي ثقافتها نجدها مهووسة بإجراءات مكافحة الشيخوخة 
... وكذلك تدافع (ستريب) عن (الجمال الطبيعي) ، جمال الروح وقبول الذات ، وتشجع على تقبّل التغييرات التي تصاحب التقدم في السن ، واستخدامها لتعزيز شعور المرء بذاته ، بدلاً من إضعافه
... تحياتي ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

إلى من سألني بقلم عبدالرحيم العسال

اخميمي ( إلى من سألني : هل انت اخميمي؟)  =========================== نعم يا عم أخميمي. وكم ازهو به وطنا لنا إرث وتاريخ. ونيل...