السبت، 27 سبتمبر 2025

حين مرَّت صدفة بقلم عماد السيد

رواية قصيرة 
     "حين مرَّت صدفة"
______________
لم يكن "يوسف يؤمن بأن اللقاء الأول قد يغيّر شيئًا في الحياة، لكنه كان يؤمن بالصمت… وباللحظات التي لا تحتاج إلى تفسير.
في مساء شتوي، وبين ضجيج محطة القطار، جلست "ريم" قرب النافذة تنتظر رحلتها. كانت تمسك بشال صوفي وتحدّق في المطر المتساقط على الزجاج، وكأنها تحاول أن تستعيد شيئًا ضاع منها.
جلس يوسف غير بعيد عنها، دون أن ينتبه إليها في البداية. لكنه لمح انعكاس ملامحها في زجاج النافذة… فلم يرَ وجهًا فقط، بل رأى حالة تشبهه: شخصًا يتظاهر بأنه بخير، بينما يحمل في قلبه شيئًا لا يُقال.
لم يتحدثا. لم يلتقِ نظرهما حتى. كانت المسافة بينهما كافية ليشعر كل منهما بحضور الآخر دون اتفاق.
حين أُعلن عن تأخر القطار، تنهدت ريم بهدوء. التفت يوسف تلقائيًا نحو الصوت، وكأنه يعرفه منذ زمن. اقترب بخفة وقال لها دون مقدمات:
— التأخير أحيانًا رحمة… يمنحنا وقتًا لنلتقط أنفاسنا.
نظرت إليه بدهشة لم تخلُ من دفء، وكأن كلماته جاءت تكمل فكرة كانت تدور في رأسها. لم تقل شيئًا… لكنها ابتسمت.
ومن تلك الابتسامة، بدأ حوار لم يفتح فيه أحدهما قلبه، لكن كلاهما شعر بأن هذه الصدفة ليست عبورًا عابرًا.
وحين وصل القطار أخيرًا، لم يسألا عن الأسماء… فقط تبادلا نظرة صافية حملت وعدًا غير منطوق:
بعض القلوب تلتقي قبل أن تتعارف، وتنتظر اللحظة المناسبة لتقول "كنت هنا منذ البداية
______________
قلمي وتحياتى
الشاعر عماد السيد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

إلى من سألني بقلم عبدالرحيم العسال

اخميمي ( إلى من سألني : هل انت اخميمي؟)  =========================== نعم يا عم أخميمي. وكم ازهو به وطنا لنا إرث وتاريخ. ونيل...