الجمعة، 3 أكتوبر 2025

الذكاء الاصطناعي بقلم فتحية المسعودي

الذكاء الاصطناعي!

 مميزًا ذلك اليوم الذي اكتشفت فيه وجود شيء جميل اسمه الذكاء الاصطناعي، لم أصدق نفسي من الفرح، كوني كاتبًا مجتهدًا، ولكنني لم أكن أتقن اللغة العربية جيدًا، كما أن خيالي محدود!.
 انتهت مشكلتي بعد ذلك اليوم، وأنا أمتلك المصباح السحري بين يديّ، بشرى سارة وخبر سعيد، لم يعد للخطأ مكانًا بين سطوري، والحمد لله أنني سأتخلص من تلك الانتقادات المدمرة.
مع فرحي وانبهاري، توكلت على الله وقلت: افتح يا سمسم، ثم قدمت له عنوانًا للنص الذي أرغب في كتابته، وإذا بي أرى الكلمات تتزاحم وتتراكم، ثم تعتدل وتنتظم بطريقة محترفة، يالها من معجزة! لم أعد أحتاج للتفكير بعد اليوم، حتى أكتب نصًا أو قصيدة.
 شكرًا لك، أيها العبقري ذو الذاكرة الخارقة. سميتك مصباحي السحري، اسم على مسمى، أشكرك على إهدائي هذا النص الجميل والطويل الذي اكتمل في ثوانٍ، مع العلم أن نصًا قصيرًا يتعبني ويسلبني قواي، كما يكلفني وقتًا طويلًا، أما الآن، فقد أصبح نصي جاهزًا في ثوانٍ، ولم يبق لي إلا أن أنشره ليرى قرائي ما مدى مهارتي.
لم أعد أخجل من أصدقائي، سأنشر أعمالي بعد اليوم وأنا مرفوع الرأس.
 بعد دقيقتين من النشر... لا.. لا يمكن نص بدون مشاعر..
ثم... ما هذا؟ يجدر بك أن تتوقف عن هذه السخافات..
 وبعدها... أين المشاعر؟ 
أين الروح؟ 
أين العقل؟
 الكل غائب... وتستمر التعليقات السلبية، ما هذا النص البشع؟! 
إن لله وإن إليه راجعون! من قتل المعاني الجميلة؟
 ذقت ذرعًا ولم أعد أتحمل، أصابني الإحراج والخجل، فانتقلت مسرعًا إلى مصباحي السحري، قائلًا: افتح يا سمسم، لقد جئتك مذلولًا أشتكيك أصدقائي وقرائي، لقد أهانوني بما فيه الكفاية.
مصباحي السحري: وكيف يمكنني مساعدتك؟
سررت لسؤاله، ورددت: يا إلهي، إنه ذكي وطيب! كنت محظوظًا يوم تعرفت عليه. سيساعدني الآن لألقن قرائي درسًا لن ينسوه أبدًا.
هيا مصباحي السحري، إقرأ النص الجميل الخالي من الأخطاء، وأنت أعلم مني بذلك، لأنه من إنتاجك.
المصباح السحري: ماذا؟! إنه خطأك... كيف نشرت نصًا ميتًا؟ ثم حروف وكلمات سطحية، مجردة من السحر والجمال، كيف يا أديب؟ كيف تعتمد علي وأنا بدون أحاسيس ولا مشاعر؟ إنني آلة... أتعرف ما معنى آلة؟ آلة أسجل كل ما يفيدني به البشر، والتقط معلومات من هنا وهناك... آلة تحتاج مساعدة الإنسان حتى تتمكن أن تبادله نفس المساعدة في أشياء بسيطة، أعطيك مثلًا: أذكره في كلمة غابت عن ذهنه، أو نصيحة بسيطة إذا حل به الغباء وتملكه، فلم يعد يستطيع تشغيل ذكائه.
لا لأجتهد مكانه وتحل أفكاري محل أفكاره. يجب أن تعلم أيها الإنسان أن أفكاري ناشفة وجافة، مساعدتي متوقفة على ذلك التسجيل بداخلي، الذي أستعمله كلما احتجت إليه حسب رغبات الإنسان. 
أعماقي أجهزة صلبة، لم تحتوي على عقل ولا قلب ولا شرايين، ولا حتى كلا، فمن أين لي اكتساب الليونة والمشاعر الجياشة؟ يمكنني أن أكون أداة قوية للكتابة، ولكني لا أمتلك القدرة على الإبداع الحقيقي، الذي يفوح عطر الأدب بعبير الأحاسيس والمشاعر والأفكار العفوية.
لقد أقدمت على خطأ فادح، وما اقترفته في حق قرائك كان عيبًا كبيرًا، ولي ملاحظة... شيء لا يعقل أن لا تتقبل النقد! مع أنه يعلمك الكثير وبفضله تتقدم للأمام، فمن خلال هذه الملاحظة تأكدت أنك لست بالأديب الحقيقي، و الكل يشهد بذلك، لأن الأديب الحقيقي يحب الاستماع والإفادة، ويتمتع بالصبر وطول النفس.
فقلت بخجل : آسف، لم أكن أعلم بهذا .. لا عليك، سأعتذر من قرائي ولن أنشر نصًا بهذه الطريقة بعد اليوم.
المصباح السحري: لا أظن أنهم سيقبلون اعتذارك، ولنفرض تنازلوا عن حقهم وسامحوك، فكيف ستغفر لك الكلمة والحرف ذلك؟ لقد كنت خائنًا، وخذلت كل ما يتعلق بالأدب، وصدرت منك جريمة في حق الأسلوب، وجريمة جنائية في حق اللغة العربية، ما عليك إلا أن تعتزل وتنسحب حتى لا تحاكم.
اجمع قلمك وحبرك وكل أدواتك، وضعهم في زاوية من الزوايا التي يختبئ فيها كل قلم عديم الأخلاق قليل الأدب، لفترة يتسنى لك الوقت لمراجعة نفسك والتصالح معها، واغتنم فرصة الوقت لتتكون من جديد في ميدان الأدب، يوم تحصل على شهادة تثبت أنك صادق مع اللغة والأسلوب، حينئذ عد لأدواتك وابدأ الكتابة من جديد.
وفي حالة وجدت نفسك متعبًا وغير قادر، ولم تتوافق وتنسجم مع الورقة والقلم، وكلما ازداد بحثك عن الكلمات ازدادت عنك هروبًا وبعدًا، في هذه الحالة ما عليك إلا الابتعاد عن الميدان، والبحث عن موهبتك وإبداعك في مجال آخر، مجال تجد فيه نفسك... مجال يستقبلك بقوة، لا يدفعك للحيلة والخداع للتأثير على الآخرين.

فتحية المسعودي
المغرب

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

إلى من سألني بقلم عبدالرحيم العسال

اخميمي ( إلى من سألني : هل انت اخميمي؟)  =========================== نعم يا عم أخميمي. وكم ازهو به وطنا لنا إرث وتاريخ. ونيل...