(التلميــــــــح)
بقلمي : د/علوي القاضي .
... الكاتب (مارك توين) أرسل لعدد من الشخصيات ، المرموقة في أمريكا على سبيل الدعابة عبارة (إهرب لقد إكتشفوا أمرنا) ، وفي صباح اليوم التالي ، كانوا كلهم قد غادروا أمريكا
... وفي قصة أخرى ، أكلت عنزةٌ بعض كتب الأديب أحمد بهجت ، فكتب مقالاً ساخراً يتهم فيه العنزة بمحاربة الفكر ، في اليوم التالي إشتكاه عشرة أشخاص ، إعتقد كل منهم أنه هو المقصود !
... دائما السيئون يعتقدون أن رسائلك موجهة إليهم ، كل إنسان يقرأ نفسه في الكلام
... ومن نوادر الأدب العرب في فنِّ التلميح والذَّكاء :
... يُحكى أن رجلًا مرَّ على جسر بغدادَ فمرّتْ فتاةٌ جميلةٌ ، فأبصرَها فتًى كان جالسًا فقال : رحِم الله علي بن الجهم ، فقالت الفتاة ورحم الله أبا العلاء ، وانصرفتْ
... فعجِبَ الرَّجل مما سمعهُ من الفتى والفتاة ، فتوجَّه إلى الفتى وأقسم عليه أن يوضح له الأمرَ ، فقال : إني قلتُ رحم الله علي بن الجهم أقصد قوله في قصيدةٍ يقول فيها :
عيونُ المها بين الرُّصَافةِ والجِسرِ *** جَلبْنَ الهوَى من حيثُ أدري ولا أدْري
... فردَّت هي مُتَرحِّمةً على أبي العلاء المعري ، فأدركتُ أنها فهمت قصدي ، وأنها تعني بيتَ شعرٍ لأبي العلاء يقول فيه :
أيَا دارَها بالخَيْفِِ إنَّ مَزارَها *** قريبٌ ولكنْ دونَ ذلك أهْوالُ
... يقول الرجلُ ، فانصرفْتُ وأنا لا أدري لأيِّ شيءٍ أكون أكثرَ عَجَبًا ، أمِن ذكاءِ الفتَى ؟! أم من لَماحيةِ الفتاةِ وحُسْنِ حفظِها ؟! ، أم من غفلتي وجهلي وعدم حفظي ؟!
... ويؤكد الفلاسفة أن الأمل هو التلميح الذي تخبرنا به الحياة لتقول لنا أن الظلام لا يمكن أن يبقى إلى الأبد
... فالتلميح والكلام المبطّن بعد إنتهاء العلاقات دليل على نقصان العقل وقلة المروءة والدين ، وقال الشافعي ، (الحرّ من حافظ على وُدّ لحظة) ، والمعنى أننا نحفظ اللحظات الحلوة ، لأن الخلاف قد يزول وتعود المودة ، ولو ما عادت على الأقل نحتفظ باحترام العِشرة ، أما الفحٖور في الخصومة فهذا من صفات المىٰافقين
... وقد احتفظت الأدب العربي بتلك النصيحة ، (عِندما تفتقدنِي حقاً ، ٱنشر شيئاً لا يفهمه إلا أنا وأنت ، ودَعني أراك تُحاول لَفت إنتباهي ، وسٱحدّثك وَحدي ، وسآتيك فَرِحة لأنني ، وحدي من فَهِم هذا التلميح وأنني أشتَاقك أيضاً
...لذلك يقول أحدهم ، أنا لا أُحبّ مبدأ التلميح ، بل يُعجبني أن تقصدني بصورة مُباشرة فهذا من علامات الرجولة الحقة ، أن تذكرني بطريقة صريحة وعلنية ، أبهرني بجرأتك ، لن تحصل على كامل إنتباهي بنصف إنتباهك ، ستأخذني بأكملي ، حينما أراك بأكملك
... فالتلميح والكلام الجارح بعد الخلاف ليس من العقل ولا الدين ، فلا تنسَ لحظات الودّ حتى إن افترقنا ، قد تُصلح الأيام ما أفسدته الخصومة ، فإن لم تُصلح ، فاحترم العِشرة
... واعلم أن الفُجور في الخصومة من خُلق المنافقين ، ومكارم الأخلاق لا تُنسِي المعروف ولا تَمحُو الودّ
... فظاهرة (التلميح والتلقيح) ، لا تليق لا بدين ولا بأخلاق ولا بتربية وأرى أن التلقيح أسلوب رخيص لايصدر من إنسان كامل التربية أيآ كان الموقف يعني الإحترام
... التلميح والتلقيح أسلوب يستخدمه إنسان يخشى المواجهه ، ووصل لمرحله ضعف وعدم ثقه ، ويعاني من نقص وصل به أن أصبح التلقيح عنده أسلوب حياة
... وأقول للزوجة انتبهي لنقد زوجك لأسلوب تعاملك معه ، أو اسلوب تعاملك مع أطفالك أو أي تصرف منك بمعنى ، إذا انتقد زوجك صوتك العالي ، لا تعلقي ودربي نفسك على خفض الصوت ، وانتبهي جيدا لنقده ، وان كان يحمل اسلوب التلميح والمزح ، فهو يتبع سياسة التلميح فضلا عن التجريح ، وتقبلي النقد وادرسيه ، حتى تأتي خطوة التغيير ، واعلمي أن التلميح من وسائل النقد البناء التي يتبعها الزوج لتعديل المسار ، ولا تستهيني بالنقد لانه قد يتوقف عن نقدك بعد أن يفقد الامل في تغيرك
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق