الثلاثاء، 18 نوفمبر 2025

كيف تصنع نذلاً بقلم عمر أحمد العلوش

( كيف تصنع نذلاً )
كيف تصنع نذلاً دون أن تشعر؟ تمنحه من تقديرك واحترامك أكثر مما يستحق ، ترفعه فوق منزلته الطبيعية ، فتراه أمامك يتحوّل شيئاً فشيئاً يعلو فوقك بهدوء قاتل وتنطفئ أمامه كرامتك . كل كلمة امتنان تمنحها و كل لحظة اهتمام تصبح عنده وقوداً لغطرسته وسلاحاً ليهوّن من شأنك ويجعل منك إنساناً أصغر بنظره ، دون أن يترك مساحة للجميل الذي أغدقته عليه.

كم تكون المرارة حين ترى إنساناً كنت تثق به ، ثم يركل احترامك بنذالة ، كل احترامك .. كل تقديرك ..كل كلمة امتنان كانت وسيلة لصنع وهم قيمته. ابتسامته الصفراء..نظراته الجافة.. صوته الخافت الذي يحمل استعلاءً ، كل شيء منه يذكّرك أنك من رفعته وأنك أنت من صنعت له سُلّم غروره.

أتعلم أقسى ما في الأمر؟ أن الطيبة التي زرعتها في قلبك صارت سماداً لنذالته ، كان إنساناً عادياً تراهنت على صدقه أصبح نسخة مشوهة من نفسه ، يتغذّى على احترامك ليزيد من علوه فوقك ويظن أنّ العالم كله يدور في فلكه . كل لحظة معه تكشف الغدر وكل ابتسامة تحمل استعلاءً لا تعرف كيف وصل إلى قلبه.

أما الألم ..فهو مزدوج ، ألم لأنك اكتشفت حجم الخيانة ومرارة لأنك فهمت أنّ العطاء بلا بصيرة والاحترام بلا حدّ قد يحوّل إنساناً عادياً إلى نذل متعجرف. بعض النفوس لا تُشبع إلا بالغطرسة وتقديرك لمن ليس أهلاً له يصبح الوقود الذي يصنع من الطيبة نذالة، ومن الاحترام استعلاءً ومن قلبك الكبير ساحة للخذلان.

وفي النهاية، تبقى هذه التجربة محفورة في قلبك كندبة لا تمحى تذكّرك دوماً أن النذالة أحياناً تُصنع بأيدينا، حين نمنح الإنسان فوق قدره ونمنحه ما لم يكن أهلاً له فيكبر فوقنا ونصغر نحن أمام وهمه الكبير . الحقيقة الوحيدة التي تعلمتها الاحترام بلا بصيرة يخلق من الثقة خيبة ومن الحب مسرحاً للخذلان.

✍️ بقلمي: عمر أحمد العلوش

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

إلى من سألني بقلم عبدالرحيم العسال

اخميمي ( إلى من سألني : هل انت اخميمي؟)  =========================== نعم يا عم أخميمي. وكم ازهو به وطنا لنا إرث وتاريخ. ونيل...