امتثلت واقفا أمام الرائد إسكندر، و أنا في حيرة شديدة عما جرى، و لست أعلم ماهية الجرم الذي ارتكبت حتى يصفني الرائد بهذا الوصف القبيح [ قلت: القائد الناجح يعامل جنده كأنهم أخوة ]
قال لي بطريقة الآمر المتعجرف: ما هي البرقيات التي تلقيتها خلال مناوبتك على المحطة ؟
قلت بلا تردد: لم أستلم شيئا
قال: كذبت، فالتقرير أمامي يقول أنك تلقيت برقية و أعطيت إشعارا باستلامك إياها
قلت: تلك برقية أخطأ فيها المرسل بالعنوان، فهي لا تحمل عنوان محطتنا، و لذا أهملتها؛
و قبل أن أتم كلامي، بادرني بالقول: و لماذا أعطيت إشعارا باستلامك إياها ؟
ثم التفت إلى كافة العناصر و طواقم المحطات اللاسلكية الموجودة في المكان و قال مخاطبا إياهم: أحب أن أعرفكم بأغبى إنسان في مشروعنا التكتيكي هذا، فقد استطاع بتصرفه الأحمق أن يفشل المشروع من بدايته
و تابع يقول موجها كلامه إلي: عند عودتنا إلى الفوج سأرفع بك بطاقة /16 يوما/
لكن رئيس المحطة التي كنت عاملا فيها [ رقيب.أ /عمر.ط/ و هو متطوع في الجيش و من إدلب الخضراء ] سارع موجها كلامه للرائد قائلا له: سيدي، لقد تم إعلامي بالبرقية و هي لا تحمل عنوان محطتنا
[و إذن أنا لم أخطئ أيها السادة و السيدات بل هي أزمة مفتعلة يراد بها إظهار غباء أصحاب اللحى بحسب ظن الرائد الخائب، فالذي حصل أن الملازم أول قائد السرية أخطأ في تحرير عناوين البرقية و دفع بها إلى المحطة التي قامت بإرسالها إلى محطتنا وفقا لتعليمات الإرسال ]
و بطبيعة الحال فإن الرائد لا يريد تحميل المسؤولية لقائد السرية على خطئه الشنيع، لذا أراد أن يجعل مني كبش فداء
كانت البرقية مشفرة بالأرقام و كان مضمونها بعد فك الشيفرة، أنه: يتوجب على المحطة المخصوصة بالبرقية أن تقوم بنصب هوائيات ال Fm كي يتسنى لقائد المشروع أن يرسل برقياته من خلالها، و بما أن الهوائيات لم يتم نصبها لذا تعذر الإرسال و الاستقبال
- وكتب: يحيى محمد سمونة - حلب.سوريا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق