الجمعة، 21 نوفمبر 2025

الذين يمشون والوجع تحت أقدامهم بقلم نشأت البسيوني

الذين يمشون والوجع تحت أقدامهم
نشأت البسيوني 

في كل شارع من شوارع الدنيا هناك خطوة أثقل من غيرها خطوة لا يسمع صوتها أحد لكنها تحمل في داخلها وجعا يساوي عمرا وكلما تأملت وجوه الناس ستجد أن الظلم ليس حكاية تروى بل هو ظل يتبع صاحبه أينما ذهب ينام معه على وسادته ويستيقظ معه قبل أن يفتح عينيه الظلم كلمة بسيطة حتى أنك تكاد تمر عليها دون أن تشعر بشيء لكنك إن أمسكت المعنى من قلبه ستكتشف أنها ليست 

كلمة بل وجع طويل وجع يتكوم في الصدر كما تتكوم السحب قبل المطر المظلوم لا يحكي كثيرا ليس لأنه لا يستطيع بل لأنه يعرف أن بعض الجروح حين تفتح تفسد الهواء من حولها لذلك يصمت يصمت لأنه يخاف أن ينفجر يخاف أن تنهار الكلمات في حلقه يخاف أن يظهر ضعفه أمام من لا يستحق أن يرى دمعته ويا لغرابة هذا العالم أقسى الظلم ليس ذلك الذي يأتي من غريب بل من قريب 

حملت له قلبك بيدين مرتجفتين فكسرك دون أن يشعر بثقل ما فعل أقسى الظلم هو ذلك الذي يأتيك من شخص كنت تراه سندك فإذا به يتحول إلى الجدار الذي تواجهه كل ليلة المظلوم لا ينسى قد يغفر نعم قد يتجاهل ربما لكن النسيان مستحيل يعيش حياته وفي داخله مكان معتم غرفة صغيرة مغلقة فيها ضوء ضعيف لا ينطفئ ولا يقوى وفي زاويتها تماما يقف الحدث الأول اللحظة التي بدأ 

فيها كل شيء لحظة يسمع صداها كلما مر عليه نسيم الليل وكلما أطفأ الناس المصابيح وكلما ظن أن قلبه بدأ يتعافى هناك مظلومون يمشون بيننا وهم يبتسمون تظنهم بخير لكنهم في الحقيقة يمار سون شجاعة يومية لا يراها أحد شجاعة أن يستيقظوا رغم أن يومهم يشبه الأمس وأن يبتسموا رغم علمهم أن القلب منهك وأن يواصلوا رغم أن كل شيء في داخلهم يقول توقف الظلم لا يغير 

المظلوم فقط هو يغير شكل العالم في عينيه يجعل الأبواب أثقل والطرقات أطول والناس أكثر غموضا يجعل الثقة تبنى ببطء وتهدم بسرعة ويجعل القلب يبحث عن ركن آمن فلا يجده إلا في الله والله وحده الله هو الذي ينقذ الروح حين يخذلها البشر وأما الظالم فهو لا يرى الحقيقة الآن يمشي مطمئنا يظن أن الأيام ملكه وأن الصمت ضعف وأن الدعوة التي خرجت من قلب محترق لن تطاله

لكنه لا يعرف أن الظلم يعود يعود مثل الدائرة التي لا تنكسر قد يتأخر لكنه يأتي يأتي في وقت لا يتوقعه وبشكل لا يريده وبقوة لا يستطيع دفعها المظلوم برغم كل شيء يبقى صاحب قلب أكبر من الوجع نعم يوجعه لكن لا يفسده يكسره لكن لا يلطخه المظلوم يخرج من التجربة إنسانا آخر أكثر فهما أعمق أصدق وأنقى والظالم يخرج منها إنسانا ناقصا يحمل في داخله شيئا اسمه الفراغ يبقى الحق يسعى ولو على قدم واحدة يبقى صوت المظلوم يصل ولو كان همسا ويبقى الظلم مهما طال ليلا لا يستطيع أن يمنع الفجر من الوصول

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

إلى من سألني بقلم عبدالرحيم العسال

اخميمي ( إلى من سألني : هل انت اخميمي؟)  =========================== نعم يا عم أخميمي. وكم ازهو به وطنا لنا إرث وتاريخ. ونيل...