الثلاثاء، 9 ديسمبر 2025

ذاكرة للنسيان الفصل السادس بقلم علوي بن محمود

ذاكرة للنسيان .
علوي بن محمود

الفصل السادس :

رافقت عزيمه واولادها ملحف في تجواله لأسبوعين يصل خلالهما الى الحدود حيث وصلت مدافع المجلجل قبل موعدها الى الحرس الحدودي للصحراء اطلقت منها ٣٥٠ طلقة كتجارب مقصودها اعلام الدولة المجاورة ان صحراء القفيفة لم تعد قابلة للأستباحه

ويقفل ملحف بعدها عائدا الى امه في لقوا واذ يودع قائد الحرس تسمعه عزيمة يوصيه خلو جمالي هايمة سائبه في الصحراء وكلوا من لحومها والبانها اذا احتجتم وتأخر التموين عنكم وقدنا بتحاسب معهم في العاصمة اخر السنة

يركب ملحف الواز وتستوي عزيمة الى جانبة وخلفها محني يقول لأخته لطيفة شفتي شفتي كيف يقفز المدفع يوم يضرب وتقوله ايه شفته فيعود يسئلها تقولي ناره بتصل لما غارنا في العديليه خافها تهدمه فتحتار لطيفة وتنادي ياعم ملحف ياعم ملحف وين بنام لانهدم غارنا يضحك ملحف من برائتهما ويطمنها لاغاركم مابينهدم الا المدافع بتخزق جنب غاركم غارين غار لش وغار لخوش وغار ثالث جنبهم بجيبلكم فيه غنم صغيرين تربونهم ويسئل هاه يعجبكم الغنم ماعز او ضان فتجيب لطيفة ضان.. ضان ويجيب محني ماعز ..ماعز ويضحك ملحف ابشرو على عيني ماعز وضان 

فيهدئ الطفلان ويتحدثان عن غارهم واغنامهم وينشغلان ببعضهم

عزيمة تتأمل الطريق والمناظر وتسرح مفكرة من هو هذا الرجل الذي تزوجته
هل وجه خير كما يبدو احيانا وكيف يقدر ان يكون عزيزا حين يشاء وذليلا حين اخرى وكيف يضمر نواياه تتذكر مارأت منه في الاسبوعين الماضية وتتعوذ من مكره وشيطان شروره وزوايا نفسه المظلمه نفسه التي هي اعمق من ان تسبرها في اسبوعين فقط ثم تتذكر ان امرها بيدها فتطمئن انها ان رأت مايضيم بنيها فارقته ورجل مثله لاحاجة له فيها ولا في مؤنة بنيها فماعنده يغنيه

يسئلها ملحف فجأة قاطعا سيل افكارها عزيمة كنش ساكته 

تلتف اليه بسرعة بديهه وتجيبه افكر ليه تترك جمالك سارحه وهي على الحدود وليه ماخليت عليها رعيان وانت تقدر 

يحزر ملحف انها كانت سارحه في شيئ اخر ويعجب من سرعة خاطرها يمرر بصره على ملامح وجهها الجميل وحواجبها الرائعه لكن لايطيل اذ يجيبها 

كانوا اربعه الف جمل وزيدت جنبهم خمسة الف اخرى 

لاتبالي عزيمة بالعدد وتضل تترقب اجابه مقنعه

فيضف ملحف انا ماخليتها سائبه الا ليضل حرس الحدود على يقظة بدوريات دائمة لكي لاتعبر الجمال الحدود لاننا بحاسب رؤساهم في العاصمة وبيحاسبونهم على كل غفلة وان افلت منهم شي بتردها دولة الجوار بهيبة مدافع القفيفة وسلطة صاحب السمو مولى الجديدة

تجيبه عزيمه بزلة لسان نعوذ بالله من شرك انته مصيبة ماحد يسلم منها 

يوقف ملحف السيارة ويلتفت بكليته الى عزيمة قائلا بحزم شري هو على خصمي وخيري لكل من هو جنبي ويطمئنها بالقول اطمني ياعزيمة فأنني شفت منش الذكاء والنخوة وانتي في آمان عقلش وانتبهي للشيطان يوزش فتعتقدي ان معزتي لش تعصمش مني فبعد أمي وتراب هذه البلد معد حد عزيز عندي من قرب قربته ومن بغى البعد يولي وذي خسرته في اول عمري مايعوضه ذي كسبته في تاليه

تعتصم عزيمة بالصمت ويقطع اللحظة صوت اللاسلكي ملحف ليه توقفت فيجيب ماشي حاجة الا ارنب مرق قدامي على غفلة هيا تحركنا ويكمل ملحف الطريق سارحا في ذكرياته الحزينة والسعيدة ولمسة يد كهربت قلبه قبل عامين وصوت ذا شجن يتردد رنينه في اذنيه وعيون خضر من يدري من يدري ماهو في مكاتيب الله ومايخبئه الغيب من يدري بما يهمس به قلب الأنسان من يدري عن الفراق او اللقاء اما البعاد فقدت اعتادته نفسه طوعا وكرها وحتى ذكائه يخيب حينما تنازعه شجون القلب ونوازع الواجب وماتقتضيه عادات الأولين 

بعد يومين تصل القافلة الى لقوا وتعم الزغاريد مزرعة الجلييدي اذ يزف البشير الى ام ملحف خبر زواجه تستقبله امه باكية بفرح وتحتظنه بالتباريك تقول اخيرا تزوجت ياملحف سنين وانا اتمنالك حرمة ولاتجلس وحيد ياخير بك يوم جبتلي من تونسي 

يحتظنها ملحف ويقبل رأسها ويديها قائلا الله يبارك فيش يامه 

فتقول له ماذلحين بغينا عرس ثلاث ايام 

فيجيب ملحف على امرش على امرش ملتفتا الى عزيمة برجاء التي هزت رأسها بخجل وهي غير متحمسة انما لم ترد ان تكسر خاطر العجوز الرضيه ام ملحف

يمكث ملحف لتمام الشهرين ولم ترى عزيمة سوء من عوائده الا حبه للسمر الى مابعد منتصف الليل والتلفونات التي تأتيه في كل الأوقات 

واذ يودع ملحف امه ويستئذنها في شهر يسلم فيه السفارة للسفير الجديد وينهي اعماله في خارج البلاد 

يتوجه بعدها الى دار عزيمة ويستفسرها كيفيش وكيف العيال عسى جو لقوا نساهم الغار 

فتجيبه متذكرة وعدها ان نعم طاب المقام وهي مشغولة بنحلها والعيال في سرور مع الغنم 

فيقول لها ملحف انا بسافر الان وبعود بعد شهر ان شاء الله وانتي خذي الشهر زياده على وعدش فأن فتح الله لي في قلبش مكان والا مهدي لأمي وابسطي عذرش لها وانا مابالوم عليش 

فتجيبه عزيمة بنبرة لاتخلو من حنان امك في عيوني وانا ان قويت عليك مابقوى عليها دمعها اغلى من دمعي 

فيدعو ملحف لها ان لانزلت دموعش في مكروه مني عسى ماقصر من نفسي يعوضه مابيدي 

فتجيبه كفو والله سافر وعود بالسلامه

يعود ملحف الى عاصمة الجديدة ويذهب للقاء حمد المجلجل في مكتبه

واذ يضمهما المجلس الا وملحف يسلم طلبيتين ٣٢٠ شاحنة شامان لحرس الحدود و ١١١ للمعجبين بالشاحنات الذين بايعوه طوال ترحالة وطلبية اخرى لمعامل جبن الماعز التي يملكها ملحف و تتناثر في جبال القفيفه وعددها ست عشر شاحنه 

يندهش حمد المجلجل من هذه الطلبيات ويصارح ملحف هيا تصدق بالله هذه الشاحنات لها ثلاث سنوات معروضة في العاصمة وماحد اشتراهن 

يضحك ملحف قائلا هاه ياحمد يعني جبتهم لي اسويلك دعاية ونفق بضاعتك ضنيتك كريم وانته تاجر لئيم 

يضحك حمد قائلا لاوالله اني عطيت من قلبي وقلت عساهم ينفعونك طالما مانفعوني

فيجيبه ملحف نعم نفعوني وقدمت ثنتين منهن مهر لحرمة تزوجتها 

فيبارك له حمد ويقول خلاص طالما تزوجت وجب علي رفدك انته بتكون موزع الشامان في القفيفه ولك ١٥ في المية عمولة من كل شاحنة تبيعها انته بع ونتحاسب بعدين وشهرين وبتكون طلبياتك جاهزة وقد علمنا انك تخليت عن كل شغلك في العاصمة

فيشكره ملحف شفت كيف ياحمد المعوض الله مايغلق باب الا ويفتح للعبد غيره من حيث لا يدري هيا شف من طلبية الحرس بغينا اذا بتقدر بغينا ثلاثين وحده مصفحه لقوة فض الاشتباك بين القبائل ان شي خصومات طرت بغينا السلم يغلب على الثار في القفيفه لاتضييع مننا كما ضاعت الدويلة من قبلها 

فيجيبه حمد ابشر ومالهم الا مصفحه بسلاحها فوقها ايش عادك بغيت 

اذ يقطع كلامهما دخول مرسول ويضع صندوق خشبي على مكتب حمد ومعه رساله لملحف 

يقرأها ملحف وهي من جنفل المعد اذ فيها ياملحف ذنوبي محد بيحملها غيري ويكفي حمد من الذنب انه اشترى ويكفيك انك دليته والسلام .

يفتح حمد الصندوق ويريق محتوى القوارير في المرحاض ويعود الى ملحف قائلا والله انه جنفل وهو جنفل هو اهل لماهو فيه 

ويتوجه ملحف الى المطار وينهي اعمال السفارة في اسبوعين فقط ثم يسافر في مهمة رسميةالى دولة تبعد ٧٠٠ميل بحري لتسليم مزرعة شاسعه بحجم ولاية القفيفة لتربية الثيران الى امير من بيت الحكم 

يستقبله الأمير في حفاوة وبعد الاستقبال والوليمة ينفرد الأمير بملحف ويسئلة اذن يريد السلطان ان يبعدني عن الجديدة ويريد ان يبخسني بمال وثراء لينسيني مجد بيارق الدولة وماهو ماتدبير الملجلج وحده ان هو الا تدبيرك ياملحف اللئيم 

يبتلع ملحف اهانات الأمير ويرد بحزم طالما صارحتني بما في نفسك فيجب ان اصارحك فأن تدبيراتك انكشفت لصاحب الجلالة والسجون ابتلعت كل من شارك فيها والأمر ليس لك وحدك او خلاف في بيت الحكم ان تريدو الا ان تشتبك القفيفة في صراعكم وانا مالي الا القفيفه واهلها فأن شبت الحرب سقطت نصف الدولة في يد القفيفي واصهارهم من القفقف سكان البلاد الأصليين ويسقط شطر غير منيع في يد اعداء الجديدة الطامعين بها منذ زمان وساعتها ماذا سيتبقى لك او لأبن عمك اذا خربتم الاستقرار القلق من زام الجدود كل مابنيناه نحن وانتم سيزول كما زالت الدويلة من قبل والعتيقة من قبلها

يصرخ الأمير ياخبيث ان قتلتك الليلة بأمن من شرك 

فيجيبه ملحف روحي فدى القفيفه اقتلني وارحني من هموم الدنيا قد ملينا الحياة لكن اعلم انه كل متغرب في هذه البلاد من اهلنا بينتفض ضدك وصاحب السمو بيرسل كل بحريته تدك دك فلا تبقي لك ذكرا 

يحمر وجه الأمير ويسكت قليلا 

فيضيف ملحف ان ولاء القفيفه للعرش وليس لمن يجلس فوقه وذلك اخير لها ولك وللعرش كل مايطلبه صاحب السمو هو عشر سنين وهذه المزرعه الغنية استعن بمادخيلها وكل مااكتسبته بجهدك وانتزعته من يد الاجانب سيقرك صاحب السلطان حاكما له وسيمدك بما قصر عنك على الا تعود الى الجديدة اضرب جذورك هنا 

فيضطر الأمير للرضوخ فكلمات ملحف هزت وجدانه وعلم بسياسته ان ملحف على حق

فيتحول غضبه الى مودة زائفة ويقول لملحف ايش رأيك تكون في خدمتي 

فيجيبه ملحف نحن في خدمة بيت الحكم في كل شئون الأرتباط في الوطن الأم وماكان لولائي وانا لئيم وخبيث ان ينفعك ان خنت ثقة صاحب السمو فلا تأمن انت ايضا من غدري وان كان غدري مع التاج اولى من اكون معك في صلح الى حين 

فيجيبه الأمير اذن عشر سنين فأن عدت الى الجديدة هل تكون الففيفه في صف العرش 

يجيبه ملحف نعم ويضمر في داخله ان ذلك سيغدو اعسر فأعسر لكن من يدري ربما ينشغل الأمير بثرائه او مد جذوره وربما تتغير الأمور في الجديدة المهم ان القفيفة كسبت عشر سنين اخرى من السلام

يغادر ملحف الأمير الى حيث بلاد غربته في امر يلح عليه طوال سنتين ومافتئ يأجله اما الآن وقد عزم الاستقرار في لقوا فقد تغير الكثير الكثير .

علوي بن محمود

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

عطر الياسمين بقلم زهرة الرهوني

عطر الياسمين ياسمين في البستان  عاطرة كل الأركان  تفوح عليل الوجدان  يرقى بتسيم الولهان  عطرها يرقص على غصن  بان  منظرها يجلب العيون  يتغنى ...