انتهى مشروعنا التكتيكي و قفلنا راجعين نحو الفوج، و ذلك بعد ثلاثة أيام من العذاب و المشقة، بلا نوم، ولا نظافة شخصية، إضافة إلى غبار و عجاج و رياح عتية و وجوه مكفهرة
في طريق عودتنا، تعطلت الآلية التي كنت فردا من طاقمها، و تخلفت محطتنا عن سائر المحطات العائدة إلى الفوج ريثما يتم إصلاحها، و قد تم إعلام النقيب - قائد الرتل - بذلك
وقفت أنا و الرقيب أول /عمر . ط / رئيس المحطة، إلى جانب الآلية ننتظر الانتهاء من إصلاحها، و بتنا نتجاذب أطراف الحديث
الرقيب أول عمر، هو من إدلب الخضراء، كان مرحا في كل أحواله - و حتى أثناء المشروع لم أجده متذمرا أو متأففا - بل كان يأخذ الأمور دائما بشيء من دعابة و فكاهة و وجه بشوش
سألني الرقيب أول عمر: ما هي دراستك سيد يحيى؟ - هكذا كان يحب أن يناديني ب سيد يحيى و لست أدري سبب مناداتي ب سيد ! -
قلت: درست بكالوريا[ ثالث ثانوي ] علمي
قال: لكنك مسجل عندي "عريف" و لست "رقيب" ؟!
قلت نعم درست البكالوريا و لم أحصل على الشهادة لأنني رسبت
قال: و كيف رسبت و أنت على درجة جيدة من فهم و علم ؟!
قلت: ثمة عوامل كثيرة تساهم في نجاح المرء أو رسوبه ليس أقلها الجهد المبذول في تحصيل العلم، بل هناك عوامل البيئة، و النظام الغذائي، و تنظيم الوقت، عداك عن عوامل الضغط النفسي و الإرهاق البدني التي قد لا تفضي إلى رسوب فحسب بل ربما أفضت إلى وفاة
قلت: ثم هناك الأهم من ذلك كله ألا وهو قدر الله تعالى و تقديره للمرء في سياق منظومة الوجود
- وكتب: يحيى محمد سمونة - حلب.سوريا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق