قصة قصيرة جدا ( المحتاج ) :
حضر الى مسجدنا رجل تبدو عليه علامات المسكنة ، في ثيابه الرثة ، و كلماته المنتقاة ،التي تسلب العقول ، و نظراته الحانية ، التي تصل الى القلوب ، بأسهمها ذات الألوان المختلفة من التعبير ، و الإيحاء ، و التقارير الطبية التي يحملها . بين حاجته للمساعدة ، بعد أن أطلق العنان لشرح حالته، و تبيان قسوة ما فيها ؛ بأولاده التسعة ، و أمراضه المتراكمة ، و ديونه الكثيرة التي أطبقت على عنقه .بعد أن صلى الناس السنة ، بدأ كل واحد يخرج ما تيسر من مال ، قال رجل ممن رزقهم الله نعمة المال : لا داعي لكل تبرعاتكم ، سأرسل له بسيارتي كل ما يحتاجه البيت لشهر كامل ، فرح الناس بذلك ،إلا أننا لم نلس الفرح المنشود في أعين المحتاج . لعله صدم من هذا العطاء غير المتوقع ، قلت : سأذهب معك يا أبا محمد لإيصال المواد الغذائية . و عنما اقتربت السيارة من الموقع المنشود ؛ طلب إلينا المحتاج أن ننزل المواد في أول الشارع ، منعا للإحراج ،وافقه أبو محمد على ذلك ،فقلت يا أبا محمد نحن بحاجة لمعرفة عنوانه لنرسل له المساعدات كلما حانت الفرصة ، قال أبو محمد : كلام سليم ، و أخيرا وصلنا إلى بيت المحتاج ، و كان عبارة عن عمارة تتكون من أربعة طبقات . العجيب أن أبا محمد لم يصيبه العجب من الأمر ، فأنزل المواد ، و لم يعقب ، و ودع المحتاج بحرارة ، و وعده خيرا في المرات القادمة . ابتعدنا بالسيارة عن العمارة ، قلت لأبي محمد تبين أن صاحبنا يكذب ، قال أبو محمد : لا تغرك البناية ، فقد يكون كلامه صحيح ، قلت : دعنا نسأل بعض الجيران ، قال : ليكن ، و عندما سألنا عنه كانت المصيبة أن نجد كل ما قاله كذب ؛ فهو في رغد من العيش ، بأولاده الذين لم يقصروا معه، و أرضه التي يؤجرها ، إلا أنهم قالوا هي عادة عنده منذ الطفولة ، و قد حاول أولاده منعه فلم يفلحوا أبدا .قلت لأبي محمد قد علمت أن الأمر يخفي سرا منذ أن لم يفرح بعرضك إرسال المواد إلى بيته ، و لهذا جئت لأرافقك
بقلم شحدة خليل العالول
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق