الأحد، 29 نوفمبر 2020

وعكة ‏عشق ‏بقلم ‏لينا ‏ناصر

وعكة عشق

كانت قد نجحت حتى اليوم، بارتداء أقنعة الفرح التي تتناسب مع مقاسات شحوبها.. 
لكن الأمر الذي، لم تتداركه أنها مهما اتسعت لن تكون بحر ، وحتى لو كانت، لا بد من لحظه هوجاء حاسمة، ترتفع بها أمواج الحنين فتهدم أسوار صبرها  ،وتنكسر مجاذيف كتمانها فتغرق في قاع لهفتها هكذا على غفلة منها، تغفو ملامحها الهادئة الرصينه غفوة أبديه كمن توارى الثرى،  لتصحو بعد ليل دامس طال أمده،  على أنثى تكاد، لولا تلك الشامة التي تتوسط وجنتها وذلك البريق الذي، لطالما كان بالنسبة لناظريها برزخ الجاذبيه، وماهي الا دمعة عالقة من فقدٍ ونيّفٍ على ضفاف أهدابها،  لولا هاتين الدلالتين لما صدقت أنها هي نفسها.. 
تلك المتمردة التي استفاقت على خزانة ملابسها تنثر في فضائها الصغير كل مالا يتحلى بالجرأة والجنون وترمي رمادياتها التي لطالما كانت تبحث عنها وتقطع لأجلها أميال وأميال، ها هي اليوم ترمي بها وتمزقها وكأنها تنتقم من كل موقف حزين وكل دمعة ذرفت في حضرتها...! 
انتهت من ثورة غضب عارمة كانت ضحيتها العديد من الاثواب التي كانت ذات هدوء تتباهى برزانتها ووقارها حين ترتديها، وكأنها قررت التعرّي من شخصيتها الهادئة، وازاحة الستائر عن حقيقية انوثتها الصارخة وملامحها الفاتنة ، تمردت بكل ماأوتيت من قوة وراحت تبحث بفوضوية فاضحة عن ثوبها المزركش التي أهدته لها ذات يوم صديقتها قائلة لها :تلوّني قليلا ايتها الغامقة!  وتذكر كم اغتاضت منها في ذلك الحين إلّا أنها الان تريده وبجسارة.. 
" واخيراً  وجدتك،  تعال لنرى ماالذي يمكنك اصلاحه في هذه الملامح المهترئة من البؤس" 
كانت قد نحفت قليلا مما جعله يطهر مفاتنها بشكل جذاب،  راحت ترمق قوامها الممشوق بنظرات الاعجاب قائلة : هل هذه أنا حقا؟!! 
ثم سرعان ما التقطقت احمر الشفاه لتسمح له بتقبيل شفتيها بعد هجرة باسقة، ونفضت غبار الاهمال عن ظلال العيون واكتحلت كما لم تفعل من قبل، وتعطرت برائحتها الباريسية المميزة،  ثم انتعلت كعبها العالي الاحمر وانطلقت للقائه بكل ثقة وأناقه،  وفي ذهنها تتردد اصداء كلمات صديقاتها وانتقاداتهم اللاذعه لها بانها مملة وأثريّة حتى دعواتهم عليها بأن تزلّ قدم قلبها بوعكة عشق تغرقها حتى أذنيها،  وها هي دعواتهم تصبح حقيقة لكنها حتى الان لم تجرؤ على االاعتراف بالهزيمة والضعف إلّا لعينيه!! 

لينا ناصر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

ساقتني قدماي لدار موصد الأبواب بقلم مريم أمين أحمد إبراهيم

ساقتني قدماي لدار موصد الأبواب طاف صدى صوتي ينادي أين من كان بالدار من أحباب ؟ اعياني طول انتظار الجواب  غفوت فإذا بالذكرى تجسد الماضي  فما ...