سمـــــــــــــــــــاء (4 )
ضاقَ المَدى
والرّوحُ عصفورٌ يُفَتِّشُ في الفضاءِ الرَّحبِ عَن شَجَرٍ
وَعنْ ثَمَرٍ وأنهارٍ مِنَ العَسَلِ المُصفّى، كانَ يُقلِقُهُ التَّساؤُلُ،
إنَّ بَعْضَ الشَّكِ إثمٌ رُبَّما، لكنَّ بعضَ الشَّكِ بوصَلةُ الحقيقَةِ
كيفَ تَبحَثُ عَنْكَ في المرآةِ والمرآةُ خادِعةٌ فلا أحَدٌ هُناكَ على المرايا
غيرُ ظِلِّكَ والظِّلالُ رَهينةٌ بالشّك، ما جدوى المرايا في هَزيعِ الليلِ؟
لا أحدٌ يراها أو يرى فيها سوى عَدَمٍ مجازِيِّ السُّدى
جَسَدي خَفيفٌ كالنّدى
عينايَ لا تتجاوزانِ الأفْقَ كَيْ تَرَيا النهايَةَ
رُبّما كانَتْ لِكُلِّ نِهايَةٍ بانَتْ على أُفُقٍ بدايَتُها
كأنَّ الروحَ تُفْلِتُ مِنْ عُرى جَسَدي فراشاتٍ بأجنِحَةٍ منَ القُطْنِ الخَفيفِ،
مجالها في الرّيحِ إنَّ الروحَ مثل الريحِ أوسع من مدارِكِنا،
ارتَفَعتُ معَ الرّياحِ إلى سماءٍ خلتُها في الصمتِ موحشَةً كرجعٍ للصدى
وحدي هُناكَ على جناحِ التيهِ لا أحدٌ سوايَ ولا حدودَ ولا قيودَ
ولا بروق ولا رعود، فقدتُ وزني مثلَ ريشةِ طائرٍ تعلو وَتَعلو
هَل فقَدتُ إرادَتي بإرادتي لأكونَ حُراً مثلما أهوى أم انّ إرادةً أخرى
تُرى ألغَتْ قوانينَ الطبيعَةِ كي تُمَرجِحُني على عَبَثِ التَّساؤلِ
بينَ شكٍ في اليقينِ وبينَ تيهٍ تاهَ في دُنيا الهَباء على المدى
المَفتوحِ للرّؤيا وأوسَعَ من مَدارِكِ ما نَرى
ضاقَ المدى..
سليمان دغش
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق