الأربعاء، 21 أبريل 2021

وللنساء نصيب بقلم عمر عبود


 وللنساء نصيب

كثيرا ما نجد كتابة المرأة تتجه صوب موضوع واحد .. فهل يمكن أن تجد موضوعا غير تحررها من سطوة الرجل الذي لا تجد نفسها إلا بسيطرته .. أو أنها تبحث عمن يسيطر عليها حقا .. فلو خرج الرجل من حياة تلك المرأة سوف لن تجد مثل هذا الموضوع الخصب .. حتى لوكان هو الجاني وهي الضحية .. ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن تجعله في وضع مستوٍ .. أي إبداع سيكون لها حين ذاك .. لكن المرأة المبدعة حقا هي التي تصل إلى نقطة في داخلها يصعب على أي امرأة أخرى الوصول إليها .. المرأة الحقيقية هي التي تقبض على أنوثتها بيديها .. وبالتالي فإنها ستصل حينذاك إلى مرحلة من العقلانية والواقعية تجعلها تشعر بقيمتها الحقيقية وقيمة دورها في هذه الحياة .. وستجعل الرجل في هذه الحالة يكون في صفها دائما وليس غريمها الذي إذا انتصرت عليه تعد ذلك إنجازا أو سابقة .. أو أنه بإمكانها أن تفعل و تفعل .. وهي لا تؤدي دورا عاديا فقط .. أما إذا كانت الغلبة للرجل فستكون التهمة جاهزة .. وأنه استغل قوته ليتغلب عليها .. ثم ترجع وتقول بأن هذا ليس عدلا .. فإمكانيات كل منهما تختلف وغيره من هذا الكلام .. وقبل أن ننساق في حديث لا طائل من ورائه أو ننجر في متاهات من يتصيدون مثل هذه الثغرات لملء الجلسات بكلام فارغ .. أختصر الجهد خروجا من هذا المأزق الذي أوقعت فيه نفسي وأقول أن اكتمال المرأة هو اكتمال للرجل .. وتحقيق المرأة لأي نجاح هو نجاح للرجل في حد ذاته .. وعندما نتكلم عن المبدعات وإن كن قلائل .. فإننا نقصد من وصلت لمرحلة من الوعي الحقيقي وتخلصت من سطوة الرجل عليها في الكتابة .. وصارت تنطلق لبراحات أوسع وأشمل .. ولا تكون مثل الذي يكتب عن معاناة معينة تعرض لها في سجن أو منفى أو تجربة .. ويصبح كأنه يسجل ذكريات مرحلة معينة وبأسلوبه الخاص .. نفس الأمر ينطبق على المرأة التي كتبت عن مرحلة معاناة من تسلط الرجل أبا كان أو أخا أو زوجا أو رب عمل أو غير ذلك .. أريد أن أقول ماذا لو لم تكن مرت بتلك الفترة .. عمّاذا ستكتب يا ترى .. وذلك شأن الغريب أو السجين أو المنفي .. ما كان سيكتب غير تجربته .. رب سائل خطر بباله أن يقول :

هل تقصد أن الإبداع ليس وليد المعاناة ؟ .. فأرد وأقول : إن الإبداع يولد المعاناة وليس العكس .. لكن ما يميز هذا عن غيره .. هو حرقة المبدع .. ذلك الذي اكتوى بلظى الإبداع .. فكان لكل شئ بالنسبة له طعم مختلف .. هذا ما يجعلنا نميز بين من يدون مذكرات من حياته وبين من يكتب عن تجربة مريرة عاش فيها حرقة فامتزجت بحاسة الإبداع الموجودة لديه .. فكان النتاج نصا ناضجا وكتابة لها طعم مميز .. ونعود هنا إلى المرأة .. الكاتبة .. عاشقة القلم .. المرأة الأنثى .. الأمر بالنسبة لها صعب وعسير .. ما أريد أن أصل إليه أن المبدعة الحقة تختلف عن المرأة التي تحمل شذوذا عن القاعدة وتكسر الحواجز نكاية في الرجل .. وإلصاقا لمختلف التهم به .. في حين أن المجتمع وثقافته وقيمه هي التي تحدد ظروف حياة الجميع .. ومن قال أن الرجل لم يعان من سطوة الرجل؟ .. بل إن الرجال عانوا من ضيم الرجال أكثر مما عانته النساء .. لكن تلك المرأة التي أتيحت لها فرصة لتتحرر من ذلك القيد لم تجد غير الرجل لتوجه فيه كل عتوها .. حتى أنها لتحرض المرأة على التجرد من أنوثتها .. لكن المرأة المبدعة حقا هي التي وصلت لقناعة بأنه لا غنى لطرف عن الآخر .. وكل منهما يستمد من الآخر طاقته وذخره الإبداعي .. ولو تتبعنا مراحل عديد الرائدات والمبدعات لوجدنا أنهن كن جنبا إلى جنب مع الرجل خدمة للجميع ونشر ا للوعي والتنوير في كافة الشرائح .. ومن هنا نخلص إلى أن المرأة المبدعة قد تلقت الدعم الأول من الرجل والذي تحدى الرجل الذي كان حائلا بينها وبين طريقه.. لكن ربما في بعض الأحيان تذكر الأول وتنسى الأخير.. في حين أن الرجل المبدع لا تخلو طريق إبداعه من وجود المرأة .. ملهمة ومؤنسة ورفيقة خيال ..

.... وهكذا فإن طريق الإبداع مليء بالصعاب والشوائك .. فهو ليس طريقا معبدا بالورود .. من سلكه .. فعليه تحمل ماله وما عليه .. أي أنه لا ينتظر أن يحفل به الجميع وينثرون عليه الأزاهير كلما سلك دربا .. ولو كان ذلك فإنه سيجد من يرميه بالأشواك في دروب أخرى.. وبالتالي عليه أن يحدد وجهته .. أو تحدد وجهتها. .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عمر عبود / ليبيا


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

ترانيم عاشق بقلم محمد أبو ياصف

ترانيم عاشق ـــــــــــــــــــ َسَأسكُبُ في عينيكِ شَوْقي وأروي الرُّوحَ مِنْ عطشِ السِّنِينِ أُعتُّقُ من جمالِ الحرفِ ...