الأحد، 6 يونيو 2021

كيف نكون سعداء بقلم السهلي إبراهيم

 كيف نكون سعداء؟


 


هاجس يحكم حياة كل إنسان هو أن يكون سعيدا لكن لماذا ينبغي أن نكون سعداء؟ ولم لا نكون كذلك ونحن نسعى جاهدين بكل الوسائل لنكون كذلك. السعادة هي الغاية التي ينشدها كل إنسان في هذا العالم ويجعلها شعاره في الحياة وغايته الوجودية، لا عجب أن يبحث المرء إذن عن السعادة إذا كانت تلك هي الغاية الحقيقية للوجود. قد تختلف طرق سعينا للسعادة كما تختلف تمثلاتنا لها، فكل شخص يختار سبيلا ينهجه لبلوغ سعادته. إن كل ما يملكه الانسان يفتقر للكمال، لهذا يظل دوما يلهث دون كلل ليشبع شغفه في أن يكون سعيدا. قد تختلف طرق سعينا للسعادة كما تختلف تمثلاتنا لها، لهذا لا توجد وصفة جاهزة تجعل المرء سعيدا.


قد يتولد لدينا شعور جميل حين نفكر في سعادتنا وهذا الأمر يبهجنا، فهل ما يولد في النفس بهجة هو نفسه ما يولد في الجسد ذاك الإحساس بالابتهاج؟ سيكون من العدل أن ننصف ذاتنا بالبحث عن سعادتها دون أن نسقط في تناقض بين سعادة النفس والبدن. قد نشعر بالسرور بعد الإشباع حين نتناول الطعام، فهل هو نفس الشعور المتولد حين نقلب صفحات كتاب نحن متيمون بقراءته؟ وقد يقل أو يتولد بوفرة حين نقتني سيارة فاخرة، لكني على يقين تام أن شعور المرء بالبهجة حين يتناول القليل من الطعام وهو في حاجة ماسة إليه ليس بأقل من ذلك الشعور بالبهجة وهو يلتقي شخصا عزيزا مر زمن طويل على فراقه... لو أمكننا أن نختبر كل هذه السبل هل كنا سنكون سعداء؟ مما لا شك فيه سيكون البعض سعيدا والبعض الآخر شقيا؛ ليس كل ما نسعى وراءه يبهجنا، قد نرغب في أشياء لا تولد لنا السعادة بنفس القدر الذي نطمح إليه وراء رغبات تبهجنا أكثر من غيرها. 


كيف نفهم سعادتنا هل بكونها لذة نسعى ورائها؟ قد يكون الأمر حسنا إذا جعلنا السعادة غاية قصوى وهدفا حقيقيا ينبغي الوصول إليه، ولكي نفهم سعادتنا بكونها لذة يجب أن نفهم طبيعة رغباتنا وطرق إشباعها وهذا الأمر يقتضي منا النظر لطبيعتنا البشرية وسبر أعماقها السحيقة لفهم حاجتنا والتدرج في سلالم الحاجة لتحقيق اشباعها دون أن نكتفي بالسير على أرصفتها. ففي عمق جداول الحاجة يتدفق الشقاء والألم وينابيعه لا تنضب أبدا فكيف لنا أن نكون سعداء؟ قد لا يكون للسعادة سبيل إلا وسط ضروب الموج الأسود من الوجع، ولا نفهم سعادتنا إلا بفهم الألم الذي بداخلنا، ذلك الألم الذي يعتصر كينونتنا ويأسر وجودنا؛ فهل من سبيل كي نفهم طبيعة الألم الذي نحمله بداخلنا؟ سؤال بسيط تعميق البحث فيه يقودنا لفهم طبيعة تلك الرغبة التي تدفعنا لنبحث عن سعادتنا وفي الوقت ذاته يؤول بنا هذا الأمر إلى فهم طبيعة الألم داخل الذات. قد لا نصل لغاياتنا إلا حين نتألم بقدر معين؛ فيكون الألم هو أحد السبل الأقل يسرا لتحقيق السعادة، لكن شريطة أن يزول الألم أو ينقطع، فما دام هناك ألم ينتج الشقاء، لا محالة تتولد لدينا رغبة جامحة للحد من تدفقه فتتدخل الإرادة لتحشد كل إمكاناتها مخلصة الذات من أمواج الألم المتدفق وخلق قطيعة معه، هنا بالضبط يستشعر الفرد نوعا من البهجة، ذلك الإحساس الأولي والبسيط الذي يدب في الذات لحظة انقطاع الألم يصاحبه شعور يولد في النفس لذة تخلصنا من عتمة شقاء الوجود وضبابية الحياة.


ابراهيم السهلي أستاذ الفلسفة  المغرب


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

علمتنا غزة بقلم كريم كرية

  علمتنا  غزة كيف يكون الصبر على المصائب علمتنا  غزة ٱن الٱخ اليوم لم يعد سندا بل نحن في زمن العجائب علمتنا  غزة معنى الرجولة و لو كلفت ٱغلى...