الأحد، 20 يونيو 2021

الحقيقة المرة بقلم ماهر اللطيف

 رأيت الناس وقوفا ،خشوعا،تكبيرا وذكرا لله، توحيدا وتسبيحا واستغفارا... تقدمت قليلا فإذا بي أرى بعضهم ينظر لي نظرة نهي وأمر بالتوقف حيث أنا ففعلت دون أن أعلم لماذا وما سبب ذلك.

كما رأيت السيارات رابضة في وسط الطريق وركابها مترجلين ومتسمرين أرضا مثل البقية في خشوع وذكر دائم لله، مما زاد في حيرتي واستغرابي من هذا المشهد الذي لم أتعود عليه إلا في حالة تقدم جنازة ميت في اتجاه المسجد أو المقبرة متى يقف الجميع احتراما وتقديرا للميت والموت واعتبارا لهذا المشهد المريب بما أن حضور اليوم الذين يحضرون هذا الموكب ويحملون نعش الميت سيكونون جثثا في مثل هذا المكان غدا حين يحين الموعد...

وما هي إلا لحظات حتى رأيت فعلا الموكب يتقدم والناس تحمل النعش والكل يكبر ويكبر ويكبر دون انقطاع ولهم الاولوية لقطع الطرق والممرات في اتجاه جامع الحي قرب المقبرة...

ثم تحرك كل جامد وعادت الحركة من جديد ما إن توارى الموكب عن الأنظار متى أحسست بيد ترتب على كتفي وصاحبها ينبس بكلمات رقيقة بصوت خافت يكاد يهمس في أذني :

- كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام

- صدق الله العظيم

- بالأمس كان فوق التراب، وبعد دقائق سيصبح تحته

- هذه هي سنة الحياة أخي، فقد ولدنا لنموت، وبين الولادك والممات حياة سنتحاسب على ما قدمنا فيها من خير وشر

-اللهم أخرجنا منها سالمين غانمين يا رب العالمين

- يا رب العالمين...

وواصلنا الحديث ولا نعرف بعضنا البعض البتة، ولم اتذكر اني قابلته قبل هذا الوقت ولو في الأحلام لكننا التقينا في أحسن موقف وحال ليذكر كلانا الآخر بمآلنا الحتمي مهما فعلنا وعلونا وبطشنا وملكنا.... ،ومهما استصغرنا الغير واعتدى علينا ونال منا وابكانا وقهرنا... ،فالموت تجمعنا وكذلك القبر والمكان الذي لا يفرق بين غني وفقير، ولا متعلم أو جاهل، ولا صادق أو كاذب.... فالكل سواسية حفاة عراة لا نحمل معنا غير قطعة من القطن وافعالنا واقوالنا التي ستحدد مصيرنا غدا يوم الحشر...

------------------------------—--------------------------------------------

الحقيقة المرة

بقلم : ماهر اللطيف


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

الصّراع المفتوح و الشّرق المذبوح بقلم وديع القس

الصّراع المفتوح ..و الشّرق المذبوح..!!.؟ شعر / وديع القس / منذُ الخليقة ِ في الأموالِ شيطانِ والإنسُ سيَّدهُ كالربِّ سلطانِ / وشهوةُ الشرِّ ...