كنا ست فتيات وأنا أكبرهم سناً، نقطن في غرفةٍ واحدةٍ تعجُ بالفوضى.
وأبي عاطلاً عن العمل بسبب أزمة ٢٠٠٨، و قاطعا للصلاة في ذلك الوقت.. أما أمي فَكثيرةُ الشكوى واللوم. وبيتنا أشبه بشارع مليء بالتصادم والشجار بين والديَّ، بمشاكل لا تنتهي .
كنت أبتعد عن شجارهم؛ لأنني أنظر لأبي بالرأفة، عندما لا يستطيع احضار طلبات المنزل ..
أنهيت الثانوية العامة بتقدير ممتاز، لم استطع الالتحاق بالجامعة ،ثم فكرت في اعطاء دروس خصوصية للطلاب حينها؛ لمساعدة عائلتي بالمصروف.
لم يكن عددهم بالكثير في البداية؛ لكنني تمكنتُ من إثبات نفسي بالمنطقة..
كانت أمي تجيد الخياطة اشتريت لها ماكنة خياطة صغيرة على قد الحال، جَمّعتُ سعرها من عملي، لِتشغل وقت فراغها، وتساعد في المصروف، واقترحتُ على أبي بعمل بسطة صغيرة أمام منزلنا صباحا وعند موقف السيارات المارة مساءا ..
كنت أدعو لهم بالهداية دوما لفض الاشتباك بينهما وأصبح أبي أكثر التزاما بالصلاة..بالفعل تلك المشاريع الصغيرة التي اقترحتها نجحت وأصبحت الحياة جميلة أمامنا.
بقت تلك الغرفة.. غرفة البنات الستة التي تعج بالفوضى شاهدةً عليّ.
دخلتُ كلية الحقوق التي طالما تمنيت أن أكون محامية وأدافع عن المظلومين ..وهنا أصبحت الحياة ترقص لي. وأشعل النجاح أصابعه بحصولي على دراسات عليا.. أصبحت بعمرالثالثة والثلاثون ولم أكن أعلم أن زوجي الذي رزقت منه بأربعة أطفال رائعين قد كان حارسا لخطواتي وتحركاتي طيلة فترة دراستي الجامعية..حتى عندما نقش اسمي على تلك اللوحة الخشبية بلقب استشارة قانونية.. للعلم لم يكن مثقفا ودارسا لأي كتاب غير كتاب الله أيقنت وقتها بأنه اختار المعلم الأول والأخير..في اليأس وفي الضعف والانكسار والنجاح أدعو الله .. والتزمت بفروضي أكثر من قبل. .ورغم بعض العواقب فكل طريق ناجح يوجد عقبات .. ولدت ولم أختر أبواي ولم أختار القدر بل القدر أصابني .. الا أنني أفخر بهما وبرهما واجب.. لذلك كافأني الله ورد لي الحلم بأمنيات ظننتها مستحيلة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق