تكوّن الحليب
وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ. النّحل (66)
إنّ المكوّنات الأساسيّة التي تغذّي الجسم ناتجة عن التحوّلات الكيميائيّة التي تحدث في الجهاز الهضميّ. ثم تمرّ هذه الموادّ المهضومة عبر جدار الأمعاء لتصل إلى مجرى الدّم. و تصل الموادّ المغذيّة إلى الأجهزة الرئيسيّة بفضل دورة الدّم في الجسم.
شأنها شأن غيرها من الأنسجة ، تغذّى الغدد الثدييّة بالعناصر الغذائيّة التي يحملها الدّم. ولذلك ، يقوم الدّم بدور رائد في جمع الموادّ الغذائيّة المفيدة من الطّعام. ويفرز الحليب عن طريق الغدد الثدييّة بعد تتابع هذه المراحل ممّا يجعل قيمته التّغذويّة عالية جدًّا.
لا يمكن للإنسان أن يستهلك الغذاء مباشرة من الحيوان أو شبه مهضوم من معدته أو دم هذا الحيوان . وعلاوة على ذلك ، فاستهلاك واحدة أو أكثر من هذه المكونات يمكن أن يؤدّي إلى مرض خطير أو حتّى الموت.
وبفضل النُّظُمِ البيولوجيّة المعقّدة للغاية التي خلقها الله يحظى الإنسان بغذاء سائل نظيف وصحّيّ .
هذا بفضل هضم الطّعام في الجهاز الهضميّ ونقله إلى الدّم.
وخلاصة القول ، فالقيمة الغذائيّة العالية للحليب مستمدّة من الدّم ، ولا يمكن أن يستهلك هذا الدّم بشكل مباشر أو شبه مهضوم.
تكوّن الحليب هو في حدّ ذاته معجزة كبيرة للخلق. ومعجزة أخرى أن تكون مثل هذه التّفاصيل عن هذا التكوّن واردة في القرآن.
وكما رأينا، فالمعلومات الواردة عن تكوّن الحليب في الآية 66 من سورة النّحل ، في توافق تام مع الوقائع التي يثبتها العلم الحديث. ومن الواضح تماما أن مثل هذه المعلومات ،التي تتطلب معرفة بالجهاز الهضمي للثّدييّات، لم تكن معروفة في ذلك الوقت عندما أنزل القرآن.
حمدان حمّودة الوصيّف
من كتابي : القرآن والعلوم الحديثة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق