أيها الباكي
ــــــــــــــ
أيُّها الباكي عذابا وانتحابا
تستشفُّ السَّعدَ من حُبًّ تغابى
ترتضي ظلمَ الحياةِ وكم توالت
حادثاتٍ تأخُذُ النَّفسَ اغتصابا
أيُّها الباكي على عمرٍ تولَّى
ترقُبُ الأيامً ، والعُمرَ ارتقابا
فانتبِهْ مما تراهُ لا بكاءٌ
لو بكيتَ العمرَ هل يُبقي الشبابا
وانتَبِهْ من غفوةِ الأيام - هيا -
ربَّ غفلانٍ غفا يوماً فثابا
***
كم تسامَتْ في ذُرى الأفلاكِ روحي
لم أُعِرْ للهمِّ وزناً أو حسابا
كم تعالتْ في هوى الأشجانِ نفسي
لم أهُنْ في الناسِ خوفاً وارتيابا
كلَّما أُوتيتُ رزءاً ، رمتُ آفاقَ
الرزايا ، والرُّؤى منِّي كِذابا
ما عسى الأحلامُ للنَّاسِ تُغنِّي
وأراني أندُبُ الحظَّ اكتئابا
فإذا أصبحتُ تشقيني همومي
وإذا أمسيتُ غنَّيتُ العذابا
***
يا سماء الحبِّ رفقا ، ظلِّلي بالـ
ـحبِّ قلبي ، وافتحي للحبِّ بابا
يا سماء الحبِّ جودي من عطاءٍ
ما يُروِّي حيرةَ القلبِ احتسابا
أين أيَّامُ الصِّبا والحبِّ منِّي ؟
أين أحلامي؟ ، لقد صارت سرابا
أين آمالي ؟ ، وصوت الموت يعلو
فوقَ أَصْواتِ المنى قاباً وقاباً ؟
أينَ عمري ؟ ، فرَّ مِنِّي مثلما فرَّتْ
ورودُ الحبِّ منْ قلبٍ تَصَابى
***
يا فؤادي ! ، إنَّمَا الأيَّامُ تمْضي
مثل حلمٍ قدْ رأيناهُ وذابا
إنَّما الدُّنيا تُباريك الأماني
تستقي منك المُنى كَأْساً عِذَابا
إن تُوافيكَ المنى كأساً بكأْسٍ
هل تُراها تحتوي عَنْكَ العذابا ؟
فاغتَنِمْ في صفوها برداً وشهداً
وارْتَشِفْ في جورها مُراً وصابا
واتَّخِذْ من رغدها فرشاً ومهداً
واغْتَصِبْ في شُحِّهَا الحظَّ اغتصابا
***
في غدٍ تَصحو على نورِ عجيب
يخطف الأبصار خطفا والضبابا
يُبْهرُ العينينِ لو ترنو إليه
يقهرُ الظَّلْماءَ قهراً والسحابا
فاغتَرِبْ في تيهِ دُنْيا من سراب
واحتملْ منها - إذا شئتَ - اغترابا
يا فؤادي ! ، قد تبَصَّرْتُ طريقي
ورأيتُ الحقَّ والظُّلمَ كِتابا
فتوقف نبصر النُّورَ رفيقي
عن قريب ها هنا نَرْنُو الصَّوَابا
***
أيُّهَا الباكي ! ، كفانا ما نُعاني
فاتبعني ننشر الخير احتسابا
ما عسانا إذ تَمَنَّيْنا الأَمَانِي
هل تُرانا نأخُذُ الحظَّ اغتصابا ؟
ما ترى إن ضاق رزقٌ أو توارى ؟
هل تَعُبُّ الرِّزْقَ علماً واكتسابا ؟
لا تَخَفْ مِنْ ضيقِ دُنْياكَ الَّتي قدْ
جِئْتَها كرهاً وغصباً وانتِسابا
ما لغيبِ اللهِ مِنْ مُبْدٍ ، ولا مِنْ
كاشِفٍ مِنْ علْمِهِ مهما أصابا
***
الشاعر سمير الزيات
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق