وجٌه لا ينسى
َ
َّ جلس أحمد ساكنًا بلا حركة في غرفة مظلمة، سلط ضوء
الكشاف على وجه مبتسم، حدق فى وجهها، دار بينهما
الحديث فحاورها معاتبًا:
- لماذا يا حبيبتى أضعنا كل هذا الوقت في الخلاف؟
لم يكن بيدى، فأنتَ -دائما - تكون السبب..
- أبعد كل هذه الأعوام تصرين على الموقف نفسه
وأفكارك لم تتغير؟!
شعر أن الجدال بدأ يحتد، ويأخذ مجرى شائك، فحاول
التخفيف من حدته، قائلًا: ...
-ألا تذكرين كيف كان يمر علينا الوقت؟؟ نحتضن بعضنا
البعض، وتدور بيننا الأحايث التي لا تنقطع..
بدأت ملامحها تتحول من القسوة إلى الرقة، دخلت فى عالم
آخر ساحر، حاوطتها الأحلام الوردية، مال رأسها،
وأغمضت عينيها على حلم جميل؛ لكنه قاطعها مواصلًا حديثه:
-كنا نتعلق ببعضنا البعض، وكأننا نحلق فى عالم آخر بعيدًا
عن الواقع المرير الذي نحياه،
ثم استطرد فى حديثه قائلا: ...
-لقد كنت حريصًا دائما على أن أشعرك بالسعادة، كنتِ
عندي كالنسيم العليل الذي يخرجنى عن حدود الزمان
والمكان.
ظل طيلة الوقت محدقًا فى وجهها العذب الذي لم يلوثه
الزمن، فاحتفظ برونقه وبهائه، تابع نظراتها الطفولية التي
تلقي به فى أحضان القمر، وحوله النجوم المتلألأه، يلمح
وجنتيها التي طالما قطف من أزهارها الناضجة.
تحرك في اتجاه صورتها المعلقة على الجدار، عدّل موضعها بعد أن لاحظ إعوجاجها قليلًا.
محمد كامل حامد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق