الأمن والأمان
***
الأمن والأمَان مَطلَبٌ تَصْغُرُ دُونَهُمَا كثيرٌ مِن المَطالِبِ، وقَدْ قال عِزّ وجَلْ فِي كِتَابِهِ العَزِيز:
«فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ»
الأمْن وَالأمَان مِنَّةٌ وَمِنْحَةٌ مِن اللهِ العَلِي القَدِير فَبِهِمَا يُنشَرُ الخَير، تُحْقنُ الدّمَاء، تُحْفَظُ الأمْوَال وَتُصَانُ الأعْرَاض و حِينَهَا فقط يَتَحَققُ الازْدِهَارُ لِلأوْطَانِ وسَاكِنِيهَا وَهَكذَا تَتَطوَّرُ الشُعُوب وَ تَتَقدّمُ المُجْتمَعَات. ..
وَقَدْ قَال سَيذدُ الخَلق عليه أفضل صلَّاة و أزكى تسليم:
مَن أصبح منكُم آمنًا في سِربِه، مُعافًى في بدنه، عنده قُوتُ يومه، فكأنما حِيزَتْ له الدنيا بِحَذافِيرها. . .
و كان قبله دعى إبراهيمَ الخليل - عليه الصلاة والسلام
«وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ».
يُظهِرُ هَذَا الدّعَاء مَا يَفِيضُ بِهِ قَلبُ إبرَاهِيم، مِن حُبٍّ لمُسْتَقرِّ عِبَادَتِهِ، ومَوْطِنَ أهْلِهِ، فَلقَدْ دَعَا ابْرَاهِيمُ لِمَكّة بِالأمْنِ والرِّزْقِ، فالأمْنُ وَالرّزق هُمَا أهَمّ عَوَامِل السَّعَادَةِ وَالهَنَاء والعَيْش الكَرِيم، وَحِينَ نَفُقِدُ أحَدًا مِنْ هَذِهِ المُقوّمَات أو نَفْقِدُهَا كلهَا، حِينهَا سَنَفقِدُ مَعَهَا جُل مُقَوّمَاتُ السَّعَادَة وَحَتّى التَوَاجُدِ عَلى هَذِهِ البَسِيطَة وَالعَيش فِي تِلكَ الرُّبُوع.. حِينَهَا قَد نَهْجُرُ الأوْطَان، وَتَعُودُ الدّيَارُ خَالِيّةً مِنْ مَظاهِرِ الحَيَاة. والأمْن فِي الوَطن مَعَ العَافِيّة وَالرِّزق الحَقِيقِي، وَالسَّعَادَةِ المَنْشُودَة. . .
الوَطن هُو المَكَانُ الوَحِيد فِي هَذا العَالم الذّي تَرْتَاحُ بِهِ القُلُوب وَتَشعُرُ بِالأمَان، المَكَان الذّي يُشْعِرُنَا بِالثقَة بِالَّنفس، وَهُوَ المَكَانُ الذّي نَخلعُ بِهِ قِنَاع الخَوْف وَنَرْتَدِي قِنَاعِ الشّجَاعَةِ لِلدّفَاع عَنه مَهْمَا تَطلبَ الأمْر، فَعِندَمَا يُصَابُ هَذا الوَطَن بِخَيبَةٍ يَجِبُ أنْ نَعْلمَ أنّهُ يَتْعَب كَمَا نَتعَب أيْضًا، فَالوَطنْ لَا يُقصِّر فِي حَقّ أبْنَائِهِ مَهمَا أنْهَكتْهُ الحَيَاة ولكِن الأبنَاء هُم دَومًا سَبَبُ البَلِية وَسَبَب كُل أتعَابِ الوَطن. . .
مُهِمٌّ جِدًا أن يُنشَرَ العِلم وَالثّقَافة، وذلك لتَنمِيّة العُقُول البَشَرِيّة، ولا نَنْسَى أو نَتَناسى ضَرُورَة التّخَلص مِنَ العَنَاصِر الفَاسِدَة والتّي عَادةً تَكُون السَبَب الرئِيسِي فِي الضّرَر بِالوَطن و المُوَاطِنِين، يَجِبُ مُحَاسَبَتِهم وِفقًا لِلقَانُون، وفِي تَطبِيق القَانُون سَيَعُمّ العَدل، حَتّى يَعرِفَ كُل فَردٍ فِي المُجْتَمَع مَا لهُ مِن حُقُوق ومَا عَليهِ مِن وَاجِبَات. . .
***
عزالدين الهمامي
بوكريم – تونس
03/09/2021
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق