✨🌼" رؤية نقدية " في رواية
ابنة الشمس*
مواهب أدبية في الجزيرة السورية
بقلم الأديب الروائي القدير
عبد الباقي يوسف*
تم نشرها في مجلة المعرفة / مجلة ثقافية شهرية
• • •
أمل شيخموس
ليس بوسع أحد أن يتحدث عن سيكولوجية المرأة كما تتحدث عن نفسها و عن بنات جنسها .
عندما أقرأ نتاج المرأة فإن معرفتي تزداد عن عالمها .
الأدب النسوي في منطقة الجزيرة السورية أدب غني و استطاعت المرأة أن تحقق حضوراً أدبياً في التفاعل الثقافي و تسهم في الأمسيات و الملتقيات الأدبية ، و تنشر في الصحف و المجلات و تصدر أعمالاً أدبية ، و تفوز بالعديد من الجوائز .
تكتب أمل شيخموس بشيء من التحليل عن شخوصها في روايتها الأولى " ابنة الشمس " تقدم من خلال هذه الرواية مفهومها لجملة العلاقات الاجتماعية و الإنسانية في منطقة الجزيرة السورية . حيث نتعرف من خلال هذه الرواية على جانب من إيقاع الحياة في هذه المنطقة . إنها تقدّم الأشخاص كما تقدم المكان و تقدم شيئاً من الأفكار التي يتعاطف معها القارئ . و تقدم في روايتها فتاة يتيمة وما تواجهه في حياتها و هي تحلم و تعمل لتكوين شخصيتها الإنسانية و الإجتماعية المستقلة . نتعرف في روايتها مدى المعاناة التي يمكن أن تلقاه المرأة في مجتمع ذكوري أبوي .
تكتب في روايتها المخطوطة / بنات الشمس/ :
تدحرجت السحب سريعاً على فؤاد السماء الصافي طاوية بميمنها كل الأحزان ، مفسحة المجال للشمس سيدة السماء لانتشال وليدتها من براثن الشر على الأرض التي ما عرفت قيمتها يوماً ، متوعدة بأن الأرض ستندم أشدّ الندم على شناعة ما اقترفته يداها بحق الصفاء و النقاء اللؤلؤي ألقت الشمس سيدتي و سيدة الأرض و ما فيها أشعتها الشقراء الذهبية على روحي مرددة :
أنا معك أينما حللت و رحلت ، سأضمك إلى صدري كالأم لا تسيئي الظنّ بي ، اعلمي أني لم أستجب لدعوتك للعيش في أحضاني لسبب هو أن الأرض ستفقد نورها إلى الأبد إن غاب عنها قبس أضواء الأمل المزروع في جسدك بقوة الله ، بقوة الإيمان ابقي هناك لأنها بحاجة إليك ، و لا تلومي أحداً لم يعطك الحق فيما تستحقين من حب نبيل وسط القلوب المشوّهة ، أرميك لهم شعلة من الشفافية من الضوء و السلام ليشموا رائحة الإنسانية . . رائحة الطبيعة الأم . . ليبتسموا للحق .
ابتسمت لها ملء روحي
- أنا عند وعدي لك أيتها الأم مسبّحة بفضل مبدعك الذي وهبك لنا نحن البشر ، دفعني حبي للحياة أم مرونتي الداخلية لا أدري لألتهب أملاً رغم تكرار عبوس القدر في وجهي و التجارب التي عرقلتني عن متابعة الطموح رغم شفافيتي التي بلغت حد كوني كالبلور الصافي ، و جهودي المستبسلة ، أما الثمرة فكانت ضئيلة . . دفعتني هذه الشحنات المتجمرة في أعماقي التي أستشعر منها بأنني دائماً مختلفة لِمَ تتألب الاستفهامات عندي كما يحثني جوهري الباطني النفيس على معانقة السلام و القيام بعمل مثير ، لدي دوماً هوس و إيمان بأنه سيكون لي شأن متألق إما بالكتابة أو الدراسة . في أعماقي يشتد تيار طموح عالمي ، إنها ليست أوهاماً بل تركيبتي هي التي تدفعني نحو الأعلى ، أما الواقع فيحطم كل شيء يقلصني . . يصغّرني . . الأناس المفككون . . و . . استفهامات كلها إشارات لا أدري سوى أني أعتصر ألماً على ذاتي .
الواقع الممزق يقذفني إلى حتفي لولا طاقة الإيمان الإلهي ، و هذا الإحساس الغريب الذي ينهضني كلما انكسرت و غدوت مادة سائلة ، لكن هذه القوة تعديني بالتركيب نفسه مع مرور الزمن . . إلهي لي طموحات سأقاسي إن لم تتحقق ، من الصعب على الإنسان فقد حلمه هدفه و أنا من النوع الذي لا يقوى على نسيان أحلامه هدفه و يحس بحرقة بالغة إن لم .
ولّى الليل و لم أنم بعد فوق السطح العالي أتابع ولادة الحياة حيث تبدو السماء للرائين من الوهلة الأولى لوحة غامضة معقدة من الغيوم تتجلى فيها أسرار الكون .
أخذ الفجر يسحب أول أنفاسه ، إنها بوادر استفاقة الأحياء من الموت المؤقت الذي يلوح على صفحة السماء .
قبل دقائق ، كان الصمت مطبقاً أنفاسه على الكون . . ثانية ثانية تزداد الحياة تفتحاً حيث أن عزف العصافير ينمو تدريجياً .
شيئاً فشيئاً تدب حركة الناس في الشوارع وهاهنّ بائعات اللبن القرويات قد سرن في زرافات راجلات إلى المدينة فقط للحصول على أرزاقهن ، أحييهنّ بشعوري الندي على شهامتهنّ و نشاطهنّ الذي ينمُّ عن درء الجوع عن صغارهن ، اخترق هدير طائرة تجوب الأجواء مسمعي فأدمنت النظر إليها أنها التدريبات العسكرية لجنودنا البواسل حيث يرتسم خيط من النور في السماء وراء تلك السابحة جراء الدخان الذي رسمته ، يشعرك بالأمان و الامتنان لعيون باتت الليل في الذوذ عن الحمى ، هبطت الدرج أتراقص فراشةً محملة بعبق الصبا و أريج الروح رغم خشونة الظروف .
أمل شيخموس هي مشروع روائية بارعة في التقاط تفاصيل الحياة اليومية إذا تمكنت من الاستمرار في عملها ، و باشرت في كتابة عمل روائي جديد .
إنها تمتلك نفساً طويلاً في السرد ، و تمتلك صبراً على الكتابة ، و تنظر إلى عملها الأدبي بشيء من القداسة و الجدية . إنها تعيش مع الكتابة ، و تعقد عليها الكثير من الآمال .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق