الأحد، 3 أكتوبر 2021

ما زال حبيبي يوصيني بقلم عبدالناصر سيد علي

 مازال  حبيبي يوصيني

كتب / عبد الناصر سيد علي

..................................................

من منا ليس له جار ؟! كلنا لناجيران سواء في بنايةٍ سكنيةٍ ،  أو حيٍّ ، أو شارعٍ ،أو نجعٍ ، أو قريةٍ،أو مدينة.

فالجارُ إن أحسنت إليه صار نِعمةً ، وإن

أسأتَ إليه انقلب نِقمةً ، والشريعةُالسمحاءُ أوصَت ؛ بل أوجبت الإحسانَ إلى الجارِ ، وجعلته دستوراً لإقامة حياةٍ مجتمعية مستقرةٍ ينعمُ فيها الجميعُ بالأمنِ والأمان ، مما ينعكس ذلك على وحدة وتماسك أفراد ذلك المجتمع ، فيسعَد فيه الجميع تحت مظلةِ وطنٍ يُحتَرمُ فيه الكبيرُ و يُعطَفُ فيه على الصغيرِ ، ويُرحَمُ اليتيمُ  ، ويُعفُّ الفقيرُ ، وتُصانُ الأرملةُ ، وتُحملُ المطلقةُ وذاتُ الحاجة، وقد قرن الله تعالى الإحسان إلى الجار بالأمر بعبادته وبالإحسان إلى الوالدين .

وقد قال رسول الله" صلى الله عليه وسلم": ( ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه ) رواه البخاري.

ولكن تعالَ بنا نتعرف من هو الجار ، وما أنواع الجيران ، وما حقوق الجار، وما جزاء الإحسان إلى الجار وما عقوبة الإساءة إليه.

الجار في أغلب الروايات والتفاسير وأغلب آراء العلماء هو كل جار لاصق بيتك من الأربع جهات حتى الجار الأربعين ،  يالها من غبطة عندما تعلم أن بذلك أصبح تقريباً الحيَّ الذي تسكن فيه كله جار ، ومن ثَمًَ النجع أيضاً ، بل قُلْ القرية أحياناً ، فهل رأيت دعوةً أشمل من هذه الدعوة التي تعمل على تقوية الأواصر ، وتحافظ على وحدة وتماسك أفراد المجتمع الواحد ؟! .

وتختلف الحقوق باختلاف نوع الجار فالجار ثلاثة أنواع :

١- جار له حق واحد، وهو غير المسلم ، فله حق الجوار.

٢- جار له حقان ، وهو الجار المسلم ، فله حق الجوار وحق الإسلام.

٣- جار له ثلاثة حقوق ، وهو الجار المسلم ذو القرابة ، فله حق الجوار ، وحق الإسلام ، وحق القرابة.

* إذاً ماحقوق الجار غير المسلم ؟ 

هي كثيرة فرضها الإسلامُ على كل مسلمٍ فأصبحت حقاً له بقوة الدين   

قال الله تعالى : ( لا ينهاكمُ اللَّهُ عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يُخرجوكم من دياركم أن تبرُّوهم وتُقسطوا إليهم إن الله يحب ...).

فمن هذه الحقوق :

- عدم التدخل في حرية اعتناقه لأية عقيدة قال تعالي. : ( لكم دينكم ولا دين ) ، وقال أيضا : ( لا إكراه في الدين ) ،  أيضا : ( من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ).

- تقديم الهديَّة له ، فهي ترقق القلوب ، وفيها رفعٌ لقيم ديننا الحنيف ، ويجوز قبول الهدية منه أيضا.

- لين القول له ، فلا تكن فظا غليظ القلب.

- عيادته في مرضه ، والسؤال عليه.

- مشاركته في فرحه ، ومواساته في مأتمه .

- إقراضه إن احتاج لذلك ، والقرض منه.

- الحفاظ على حرمة عرضه وماله، بعدم التعدي على ذلك بأي صورة من الصور سواء بانتهاك حرمته بالنظر أو غيره ، أو النصب عليه ،أو سرقة ماله.

- عدم إيذائه بأي صورة من صور الإيذاء النفسي ، أو البدني ، أو العقائدي ، فهذا حقه كفله له الشرع.

وهذه الحقوق التي يتمتع بها الجار غير المسلم في ظل رعاية ضمنتها له الشريعة الإسلامية ، فلا مِنَّةٌ لأحدٍ في ذلك بل جعلتها من الواجبات والفرائض ، يُثاب من تعهد القيام بها ، ويعاقب من تركها وتهاون في أدائها ،حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا يؤمن بالله واليوم الآخر من بات شبعانا وجاره  جائعا) ، هل بعد هذا القول قول ، وقد نفي رسول الله صلى الله عليه وسلم الإيمان عمن بات ليله شبعانا ويعلم أن جاره جائعا ، ولم يقدم له طعاما .

* أما عن حقوق الجار المسلم ، فهي بالإضافة إلى الحقوق السابقة.

-اصطحابه إلى المسجد - تشميت العاطس.

- رد السلام.                - عيادته في مرضه.

- اتباع جنازته.             - إجابة دعوته.

لما ورد عن النبي ( صلى الله عليه وسلم) أنه قال :

" حق المسلم على المسلم خمس: رد السلام،وعيادة المريض،واتباع الجنائز،وإجابة الدعوة,وتشميت العاطس". 

فكما ترى وجب عليك رد السلام لو كنت مفرداً ،ولو كنت في جماعة فرد أحدهم يكفي، وتشميت العاطس واجب على من سمع ، وإجابة الدعوة إلى وليمته، واتباع جنازته.

وصلنا إلى المحطة الأخيرة من الحقوق ألا وهي حقوق الجار المسلم القريب بالإضافة الحقوق السابقة فله حق صلة الرحم ، وقد قال الله تعالى :"وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض...".  

وورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إن الصدقة وصلة الرحم يزيد الله بهما في العمر ، ويدفع بهما ميتة السوء " .

وورد أيضاً قال صلى الله عليه وسلم : " أفضل الفضائل أن تصل من قطعك،وتعطي من حرمك، وتصفح عمن ظلمك " .

وقال صلى الله عليه وسلم : ( لا يدخل الجنة قاطع رحم).

وكما ترى أنه أصبح الحي أو القرية أو النجع كله وحدة متماسكة مترابطة لا يفت في عضدها متآمر أو حاقد أو غيور.

فهذه هي الشريعة السمحاء، وهذا ديننا العظيم ، الذي ما جاء إلا ليحفظ على الناس، عقولهم ،  وأرواحهم ،ودماءهم ، وينظم علاقتهم بخالقهم فيَسعدوا ويُسعدوا

وينالوا رضوان الله دنيا وأخرى ، فهلا امتثلت لكلام ربك وسنة نبيك وأحسنت إلى جيرانك .

كتب/ عبد الناصر سيد علي



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

‏بنك القلوب بقلم ليلا حيدر

‏بنك القلوب بقلمي ليلا حيدر  ‏رحت بنك القلوب اشتري قلب ‏بدل قلبي المصاب  ‏من الصدمات ولما وصلت على المستشفى  ‏رحت الاستعلامات ‏عطوني ورقة أم...