الحمار والتغيير..
يحكى أن حمارا ..
كان يتميز بالعناد وسعة الخيال..
فوقف أمام المرآة طويلاً..
تأمل شكله..
بحلق في صورته..
فوقع في حبها..
وفي حب ما حولها من ظلال واطلال..
فحدث نفسه بغرور وجهل وانفعال..
وقال..
سئمت من حالي..
سئمت من وضعي..
حسمت أمري..
ولن أستمر بعد اليوم حمار..
نظر حوله..
وتلفت يمنة ويسار..
هذه سيارة..
وهذا قطار..
وهذه شجرة..
عالية هي..
ولكنني ساتسلقها ..
كما تتسلقها القرود ليلا ونهارا..
رجع بعض الخطوات..
تأهب..تحمى..
وانطلق بخفة الغزال..
وقفز بقوة الحصان..
فتعلق بغصن في عالي الأشجار..
تأرجح قليلاً..
لكن وزنه خانه..
وخانه جهله..
واوهنته شدة الارتطام..
فانكسر به الغصن وانهار..
خدش جلده..
ترضرضت أطرافه..
فلم يأبه..
لم يتردد..
ولم يتراجع..
فهو ثابت على موقفه..
وهو سيد القرار..
فلم غيره يسوق السيارة..
ويقود أسرع قطار..!!؟
فمضى..
تعلم بعض الدروس..
وكعادته..
بسرعة قرر الاختبار..
حشر نفسه وراء المقود..
داس بشدة على دواسة الوقود..
وكبس في آن عدة أزرار..
انطلقت السيارة..
وبسرعة الطير..طارت وطار..
ففقد السيطرة..
وانتهى في الحفرة معفرا بالغبار..
انتفض مذعورا..
نفض جسمه..
حرك رأسه وذيله..
هاج واستطال..
وقال..
كيف لا أنجح وأنا الحمار..!!؟
فإن لم أفلح مع الشجرة والسيارة..
لا بدّ وأن أنجح مع القطار..
فأنا قوي البنية..
ضخم الجثة..
كبير الرأس..
ثقيل الوزن..
وكنت أحمل الناس والبضائع والأموال..
قبل القطار..
فوقف على سكة الحديد متحدياً وقال..
لنر..
أنا أم أنت يا قطار..؟؟
فقدم القطار مسرع..
صفر.. وصفر..وصفر..
وعن السكة لم يتزحزح الحمار..
فداسه..
وتقطعت أوصاله..
رأسه في مكان..وجسده في مكان..
ولكنه الحمار..
وجههه مدمي..
تقاطيعه موسومة بالتحدي..
وعيناه تقدح شررا وتتطاير نار..
ولسانه يملئ المكان..
صرخ..صرخ..وقال..
أناالحمار.. أنا الحمار..
غدا اقف مرة أخري..
وأهزم كل المؤامرات..
فإن كنت اليوم..
عاثر الحظ..
غداً ..غدا يوم الانتصار..
غسان دلل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق