التنمر ..
على درج الباب الخارجي للبيت جلست فتاة صغيرة تناهز سن الثامنة ..تتفقد المارة يمينا ويسارا .وما أن ركزت النظر بالجهة اليمنى حتى فوجئت ببنتي الجيران من الجهة المعاكسة تنهالا عليها ضربا وشتما دون أي مبرر أو سبب يذكر
لحسن الحظ صادف ذاك المأزق قدوم إبن الجيران الأكبر من منعطف الطريق المقابل للبيت والذي يسكن بالطابق السفلي ففك رقبتها وشعرها من بين أصابعهما ..
لم تكن المرة الأولى أو التانية ومواقف التجاهل والإهمال والرفض من قبل فتيات الحي لأنها كانت فتاة وحيدة دون أخت في سنها
أما رئيسة العصابة كانت لها أخت توأم والبقية أخوات متقاربات في السن ، والسبب التاني وجود بثور التؤلال و باللهجة المغربية ( تلال ) بوسط كفها ..
كان اللعب معهن شريطة دفع ضريبة إجبارية أولها الرضوخ وعدم المعارضة ، إحضار كل ما يطلب منها خلسة من بيتها غالبا ماكان طعاما أو حلوى أو بعض ما تحتجنه للعبة العروس ..
ما زالت تتذوق مرارة الضعف والمذلة والشعور المحبط الذي كان نتيجة التسامح والعفو وعدم التفكير أو ربما العجز عن المواجهة والدفاع عن النفس .
مرت سنوات وتزوجت الفتاة ورزقت ببنين وبنات وشاءت الأقدار أن تعيش موقفا مماثلا لما سبق ذكره
استطاعت أن تقنع ابنتها الكبرى بأن الأمر مجرد غيرة والمسامح كريم وحقك عند.الله ..
وتدور العجلة مع البنت التانية وكان أقسى من الأول
تصرفت الأم على نفس المنوال مع القليل من المواجهة وفتات من الإيجابية لصالح ابنتها وهذا الأمر كان له أثر سلبي للغاية على الأم والأسرة والبنت بالخصوص ..
ما أن تناست الأمر قليلا حتى أعيد نفس السيناريو مع البنت الصغرى لحظتها أيقنت الأم أن هناك خلل ما ..!
وعند كل مشكلة تتذكر وجع شعرها وهو يتمزق قطعة قطعة وغصة تقف حجرا في الحلق ..
لكن هذه المرة الأمر قد اختلف إلى متى الخجل والاحترام الزائد للآخر والمبادئ والقيم تكون عائقا في تربية جيل جديد .
..ترى أين هو الخلل ؟
المجتمع ..؟ الزمن الحالي ؟ الجيل الجديد ؟
التربية ؟
من المسؤول ؟؟
أيقنت من شيء واحد مائة بالمائة أن هناك رسالة ما تخبر الأم بأن عليها أن تغير برمجة تربيتها ومعتقداتها وتتعلم المواجهة والدفاع عن النفس هي أولا
وبعدها يكون إرثا لخلفها
أيقنت ان التسامح خلق أكل عليه الدهر وشرب
أيقنت على أن جيل الآباء ليس كالأبناء ..
أيقنت أن تكون في صف أبنائها وتمنحهم السند والثقة مهما كلف الأمر...
أيقنت بمنطق نفسي ثم نفسي ثم نفسي .
كل هذه اللوحة الميتة الحية بعثت فيها الروح عند.مشاهدة مسلسل أردني ( بنات مدرسة الروابي )
معالجة ظاهرة التنمر
الأسباب ..
المخلفات ..
الحلول ..
للأمانة لم يكن وقتا للتسلية بل كان أعاصير غضب واحتراق عن ماض قد ولى ووقود وزاد لغد جديد وولادة فكر وشخصية جديدة .
لنكن يدا بيد ضد التنمر باللين .. بالغصب .. بالقلم
باللسان بأي وسيلة امتلكناها
كانت الفتاة الصغيرة هي :
سلمى العزوزي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق