الحب 7
بقلم سمير تيسير ياغي
دعوني أعود بكم للخلف قليلا ، فقد تحدثنا في بداية علاقة الحب بين الجنسين ، عن بدايات التعارف ، وهذه البدايات غالبا جنسية ، حيث أن أول ما يثير إنتباه الشاب للفتاة هو مفاتن جسدها ، فيحاول التقرب منها ، وهنا تكون البداية ، وعند مباشرة هذه العلاقة ، وبعد التقارب ، والحوارات والمناقشات قد تتغير النظرة عند الشاب فيزداد قربا ، وقد يكون من هؤلاء الأغبياء الذين تم صقلهم على مفاهيم خاطئة ، وبإدراك الفتاة ووعيها ، إكتشفت هذا التباعد الفكري والروحي بينهما ، فوضعت لهذه العلاقة حد ، هذه ليست علاقات فاشلة ، إنما إنتهت قبل أن تبدأ ، ولهذا فإن الوعي الفكري لدى بناتنا مهم جدا ، وهناك علاقات إنتهت نهايات مجتمعية ، كرفض الأهل للنسب من هذه العائلة نظرا لمعايير طبقية مجتمعية متخلفة ، أو بسبب ديني ، هذه أيضا لا تعتبر نهايات فاشلة ، أما ما نستطيع أن نسميها بعلاقات فاشلة فهي تلك التي تبدأ بحب ، وتنتهي بكراهية ، سأحدثكم عن قصة صديق لي ، أحب فتاة وأحبته ، كانت زميلة في الجامعة ، أحبا بعضهما حبا كذلك الذي تشاهدونه في الأفلام ، صدقا هذا ما كان وحدث على أرض الواقع ، لدرجة أنه كان يبكي إن مر يوم دون رؤيتها أو سماع صوتها ، ولشدة هذا الحب كنت أنا وجميع الأصدقاء نعاني أيضا ، فانسجامنا في سهرتنا كان مرهون بمزاجه إما أن ينغص السهرة وإما أن نسر بها ، وتزوجا ، فرحنا بهما فرحا شديدا وكأننا نحن الذين سيتزوجون ، وبعد شهر واحد بدأت الخلافات والمشاكل والتي إنتهت بالطلاق ، هذه قصة حب فاشلة ، السبب هو الكذب والغش والخداع من الطرفين ، عندما بدأت الخلافات وأصبحنا نحاول حلها والتقريب بينهما إتضح أنهما لم يكونا يعرفان بعضهما البعض ، طيلة فترة حبهم كان الرابط غرائزي فقط ، ولم يبق إلا الزواج لإكتمال الرابط الغرائزي ، كانا يمضيان الوقت غزل وخيال وأحضان ، وعندما بدأت الحياة العملية ، وجد كل واحد فيهما إنسان آخر أمامه ، وكذلك التخلف العربي القائم الذي يدعو الرجل لقول أنه يمكنها أن تسلم نفسها لغيري مثلما سلمتني نفسها ، وهذه كانت نقطة فراق بيني وبينه ، ومنذ تلك اللحظة وأنا أحارب تلك المفاهيم الحمقاء في المجتمع ، فالفتاة التي أحبتك وأعطتك بحب ولم تبخل بشيئ ، لم تكن رخيصة ، بل أعطتك لأنها أحبتك ، وأحبتك لدرجة الإندماج ، فغعلت هذا وكأنما تفعله بينها وبين نفسها ، لأنك أصبحت أنت ذاتها ، ولكنك خنت تلك الثقة ، وخنت ذلك الحب ، وخنت حتى إنسانيتك ورجولتك ، ما لم تحفظ تلك الفتاة التي أودعت نفسها أمانة بين يديك .
حافظوا على من تحبون ، وحافظوا على من أحبوكم حتى وإن إفترقتم ، كونوا ذكرى جميلة لبعضكم البعض ، لا أحد يعرف كيف تدور الأيام ، فزميلة دراستك ومعشوقتك اليوم ، قد تكون يوما طبيبتك ، أو مريضتك ، أو نسيبتك ، أو جارتك ، فان إفترقتما اليوم بحب ، ستتعاملون مع دورة الأيام غدا بحب ، لا تفشي سر أحدهم ، حافظ على الأمانة التي كنت يوما مؤتمن عليها باسم الحب .
قبل أن أنتهي سأقول امرا قد يعتبر عند البعض صرفا من صروف الجنون ، أظنني قد اميل لتصديق حب العالم الافتراضي هذا أكثر من غيره ، لأننا هنا نتعامل مع أرواح ، وعقليات ومفاهيم ، ولا نتعامل مع أجساد ومفاتن تلك الأجساد ، وهذا الحب يكون حبا روحانيا ، قبل أن يصبح حبا غرائزيا ، وقد شهد الفيس بوك زيجات كثيرة ، والغريب لهذه اللحظة أننا لم نسمع عن فشل إحداها .
أظننا قد أصبحنا ندرك جيدا ماهو الحب ، وما هي سلوكياته ، وعلى ماذا يعتمد وكيف نهذبه ، وإحتياجاتنا للآخر ، وأظنني إنتهيت الى هنا من هذا الأمر ، أرجوا أن تكونوا قد إستفدتم ، وأن تعملوا على تجنب أسباب الفشل والحفاظ دوما على عوامل النجاح ، أظنني نسيت أن اتحدث عن أمر الكبرياء والأنا ، سأوجزهما هنا باختصار شديد ، لا يجب أن يكون هناك شيئ أقوى من الحب ، ولا يجب أن تسود الأنا ، إن كنت أحبك حقا فأنت أنا ، وأنا أنت ، ولا يوجد كبرياء بين المرء ونفسه ، طالما لم تصل الأمور لحد الإمتهان والتقليل من شأن الآخر ، فكلما كبر شخص من تحب كلما كبرت معه ، حافظوا فقط على الإحترام المتبادل بينكما ، فأنت ان إحترمت من تحب إحترمت نفسك ، لا تنسى انه أنت ، فلا تهن نفسك ولا تقلل من شأن نفسك ولا تؤذي نفسك ، تعامل مع من تحب كما تتعامل مع نفسك ، كونوا روح واحدة في جسدين ، فطالما أنكم روحين في جسدين فأنتما لا تحبان بعضكما البعض .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق