... البرزخ ( 1 )
... صعدت روحها الطاهره الي السماء وانتقلت الي عالم البرزخ واستقبلتها الملائكه
... ومنذ ذلك الحين وهي لم تفارق قلبي وعقلي ووجداني
... وكنت بين الحين والاخري ينتابني إحساس أقرب للحقيقه بأنني يوما ساقابلها في الدنيا وفي أي مكان فكثيرا مايشتاق نصف روحي الي نصفه الآخر فهي توأمي
... كنت دائم الاحساس بأنني سأجدها بين الناس في الطرقات أو كل مكان مرت به وتشرف بمرورها
... حتي في عيادتي كنت أشعر أن روحها معي تباركني فكنت أشعر بالطمأنينة وكأنها تبشرني بكل خير
... تنامي هذا الشعور فكنت أجزم لنفسي واولادي أنها بيننا طيف يسير بجواري وروح تحيط بنا وأنني حتما ساقابلها في الدنيا قبل لقاءها في البرزخ رغم استحالة حدوث ذلك
... هيهات هيهات فليس كل ما يتمناه المرء يدركه
يزداد هذا الشعور يوما بعد يوم حتي أيقنت أنها لم ترحل ولكنها مختفيه لفتره ولابد وأن تعود
... ظني أنها هذه المره كانت تختبر شوقي إليها
... كنت أري أنها رحلت لفتره وجيزه سرعان ما تنتهي كما تنتهي فصول السنه وكما تنتهي رحلات هجرة الطيور وكما ينتهي الليل مهما إشتد ظلامه ببزوغ الفجر
... أمي توأم روحي حبة القلب كنت أقرب أحبابها إليها عقلا وقلبا وروحا ووجدان
... رحمها الله في جلساتي معها كانت تغمرني بحنانها ونصائحها وعاطفتها الجياشه وحكمتها
... رحمها الله كانت مدرسه تعلمت منها الكثير
... ظلت تعاملني كطفل حتي واولادي معي وكأني واحد منهم فكنت أشعر بحياء شديد ممزوج بالحب
... استمر إحساسي بلقاءها فكنت أنتظرها تشرق مع شروق الشمس أو تملأ العالم بدفئها مع دفء الشمس أو ألقاها عند غروب الشمس لتنير ليلنا وتزاحم القمر
... وكلما دخلت خلوتي أنتظر أن أسمع همسها ولكن إنتظاري لها يمر علي كالسراب فأنا كنت أعلم إستحالة ذلك ولكنه الامل
... وكنت عند زيارتي لبيتها أنتظرها عند عتبة الدار لعلها تأتي ولكن عقلي يحدثني هيهات هيهات
... فكنت أكتفي بالنظر الي أغراضها لاشم رائحتها أو أقتفي ٱثار أقدامها وتهيج ذكرياتي ولكن يحدثني عقلي أن انتظاري ليس هنا ولكنه عند عتبات الاخره ولولا مخافة الله لتمنيت إستعجال لقائها في الاخره
فهي في الغالب في مكان أفضل في نعيم مقيم في مقعد صدق عند مليك مقتدر
... ولم لا فقد كانت صوامة قوامه فلا أقل من هذه المكانة جزاء وفاقا
... كنت أنتظر لقاءها رغم أنها لم تنقطع عن زيارتي في الرؤيا أو في خاطره أو في أحلام اليقظه وكثيرا ما يحدث حينما أكون في ضيق أو أزمه فكيف لنفس أن تفتقد من لم يفارقها
... صوتها في أذني حكمتها لم تفارق عقلي ووجداني
... كنت حينما اشتاق اليها أتوضأ وارتدي أفضل الثياب واتطيب باحسن الطيب ولم لا وانا سأقابل من كانت ملكة في الدنيا وملاك في الٱخره
... أدخل في سبات عميق فتأتي في موكب مهيب من الملائكه يحملونها في هودج من الحرير الابيض مطعما بسندس أخضر وتشع الأنوار من داخله فيفتح ملاك الهودج وتشرف علي بابتسامتها ثم يغلق الهودج ويعود الموكب ويعرج به الي السماء
... أحبك يامي في القرب والبعد
... أحبك يا أمي ولو كنت في اللحد
... أحبك حبا لو مزجت رحيقه ببحر لاصبح البحر أحلي من الشهد
... إلي لقاء في ( البرزخ 2 )
د. علوى القاضى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق