........العفو
_ يا لخيبة النهاية ،يا لتعاسة النفس ، همها التشويق والإثارة الحرية والإندفاع ،لم ترفع بصرها إلى الوجه السمح ،لم تنظر أبدا إلى نجوم الحق ،همها ومبلغ هدفها متعة تقضيها ، لحظة تعيشها ، خلاف بسيط تأهبت له بدرجة قصوى بإيعاز من المتربصين الغيورين لحب نما وازداد توهجا كما تنمو النبة في البيداء بقطرات ماء صفية فحولته إلى صراع نابي ترجو به الخلاص للولوج إلى عالم التهور واللاوعي .
_ هكذا هم البشر يستثمرون الفرص ، يحولونها إلى مصائب ليس لهم في قواميس المقاصد العليا إلا النفاق و التفريق . ورغم ماحدث من خيانة وطعن في الظهر بخناجر العناد في تلوين الأوجاع تنمنم وترك قلبه بين الأضلع محصور يئن ، وبين مخالب الجراح جعلته مأتم ، وبعد الجرم جاءته برسالة حزينة معزية ، إلا أنه كل ليلة يصدر عفوا قبل النوم عن كل من أساء إليه ليكسب الإستقرار النفسي والأمن الباطني، هي وصفة من أفضل الوصفات لكل إنسان يريد السعادة والهناء .لأنه يريد الحياة في أبهج صورها وأبهى حللها ، فهو صادق في دنياه لا يريد تحويل القلب إلى ثعابين للإنتقام وأفاع للحقد وعقارب لتسميم بذور الخير
_ بمروءته يقدر الأمور ولا يذهب بها مذهب السوء ،لأن من يوقد شعلة في صدره يحترق بها هو قبل أن يحرق غيره ، ما أصفى القلب الأبيض العذب وأطيبه ، ما أسعد وأهنأ صاحبه ، ما أدركه للخير الملائم ،ما أمتع نومه، ما أنقى روحه وضميره . ثم هل لنا الوقت الكافي للعمر القصير والإستعداد الكامل في مساحته الضيقة لتصفية الحسابات مع الأنداد وتخليص كل الضرائب لفواتير العداوة مع كل من خالفنا ؟ _
_ إن الحياة أقصر مما نتصور ، وأن الذي يأخذ بالثأر من كل من أخطأ معه وينتقم بأشد العقاب ، سوف يلاحقه تأنيب الضمير ، يحيا بضيق الصدر ، وتكثر عليه الهموم والمشاكل وقد يؤدي ذلك إلى ما يحمد عقباه .
_ إن الحياة جميلة لما ينتشر الصبح البهيج ويبسط النهار نوره على الحقول الخضراء المائجة بوجهه المشرق وشمسه الوضاحة المتوهجة وأصيله الجذاب وغروبه الخلاب .
_ هكذا عرفناه جميل بصفات جمال النهار ، يشارك الدنيا البهجة يبحث عنها في كل مكان ، يبتسم كما النجوم تضحك ، ويتفاءل كما تنال الطيور رزقها من التوكل ،ويعامل كما يعاملنا النسيم بلطفه،ويلين كما يترفق الظل بنا عند لفح الشمس،يسعد للخير كما تستأنس الزهرة لوجه الشمس .
_ بينه وبين الإنتقام حدود لا نهاية لها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق