الاثنين، 6 يونيو 2022

صدى السراب بقلم علاء العتابي

صدى السراب
جلس يحدث نفسه بصوت شجي ونسمع آهاته تمزجها حرارة الدمع.
ولدي الوحيد البكر، كان كل شيءٍ لي، لابي، لزوجتي وأمي.
تتسارع حركاته مع عقرب ساعتي الصغير،  وينام ويغفو على صوت عقربها الكبير!

مرت الفصول الأربعة مرتين وغدى عمرة سنتين وفصل خريفه لم يسدل ستائرة إلا بأسبوعين وخمسة أيام وعقارب ساعتي دست سمها في أرقام ساعتي ؛ جمدتها بين ضحِيَ وظهيره يومي.

عَلاَ صوت العياط والصراخ بفقدان ولدي!
ذب الذعر  فينا، لم يذكر لنا مكان لم نفتش به!

حدائق الجيران …. بيوت الحارة وأزقتها…. دكاكين الأسواق! نسأل المارة في الطرقات ونوقف السيارات وأصواتنا تضخمها سماعات الجوامع وهي تبحث عنه في ما تبقى مِن أزقة الشوارع والساحات!

مضت أيامنا حزينه وأمست لياليها سوداء؛ حتى عدت الشهرين والنصف منها مسحوقة ببؤس أحلامي!
 لعل طارقًا يطرق الباب ويبشرني بوجود ولدي؛ أو شرطيًا يبلغني مكان اختفائه!
أمنيات بعيدة المنال عن حلمي والخيال.

أصحى يا أبني قالها لي والدي: إلا تذهب لعملك وتشق طريق صمتك بتحريك ركود يومك.
شجعتني أمي بحلمها وصبرها والدمعه تترقرق في عينيها: بني بيتنا فرغ من كل شيء وعلبة سكائر أبيك قد نفذ دخانها، أخاف إن أبيع علب حليب أبن ولدي!
هزتني كلماتها وقلبت كياني دمعاتها ودق بابي عوز والدي!
شددت من إزري، نهضت من جلستي، نزعت ثياب الكسل ولبست ثياب العمل!

التقطت عدتي خلف فناء داري، ما إن ألتفت ورتبت نفسي؛ حتى حركت الريح كرة قدمه الصفراء الصغيرة كان يلعب بها؛ دحرجتها بالقرب مِن سدادة فتحة تصريف المياة!
رفعتها وقبلتها، مسحت بكمي دموعي من عليها!

لفت نظري إرتفاع غطاء سدادة الفتحة عن مكانها ب سنتمترين أثنتين ؛ دفعتها بقدمي! ما إن ارفعها تعاود صعودًا برفق!
خفت منها؛ كررت المحاولة قدمي بلا وعي مني فصعدت بقوة؛ إنقلبت على ظهرها فبان ظهر أبني منتفخا!

سمعت صرختي عند مسجد الجامع البعيد؛ أبني مات…….. مات……. مات!
مأذنة الجامع ترد صدى صوت بخشوع: جاء ليلعب على سدادة مقلقلة مكانها أسقطته بفتحتها؛ سدت غطاءها فوق رأسه.

علاء العتابي 
الولايات المتحدة الاميركية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

8)»المشاهير ووهم الشهرة«(8)» بقلم علوي القاضي

«(8)»المشاهير ووهم الشهرة«(8)» دراسة وتحليل : د/علوي القاضي. ... هالني وزاد إستياءي مارواه لي زميلي الأديب الطبيب عن رحلته لتسجيل إسمه كعضو ...