الأحد، 5 يونيو 2022

مكسيم غوركي المادية و المثالية

 عملاق الأدب الروسي والإنساني مكسيم غوركي يشرح بفقره أدبية واحده أكثر الأمور تعقيداً وإلتباساً في حياة البشر ..

عن المادية و المثالية :

في هذا المقطع يصف مكسيم غوركي أهمية الفلسفة المادية ودورها المعرفي الخلاق، مقابل القنوط والضعف المعرفي للفلسفة المثالية" الروحية ". اذ يقول في مذكراته :

..

تعيش في العالم فكرتان : واحدة تنظر بجرأةٍ في ظلام الحياة الغامضة وتسعى إلى حل هذا الغموض ، والثانية تعترف أن هذه الأسرار لا تُفسَّر فتعبدها خوفاً منها .

الأولى لا تؤمن بوجود ما لا يمكن معرفته ، وإنما تؤمن بوجود غير المعروف ، بينما تؤمن الثانية أن العالم مجهولٌ إلى الأبد .

الأولى تسير عبر ظواهر الوجود ، وتتعرض دون وجل إلى كل ما يصادفها في طريقها الصعب ، وترغم حتى الحجارةَ الصماء على رواية قصة بدء الحياة بأسلوبٍ بليغ . بينما تتنقل الثانية بهلعٍ من جانب إلى جانب محاولةً أن تجد مبرراً لوجودها وتفشل .

الأولى تهب أحياناً نفسها إلى آلام الشك في قوتها ، لكن صقيع الشك يقويها فتهبُّ من جديدٍ لترى غاية الوجود في العمل . أما الثانية فهي تعيش باستمرارٍ في الخوف أمام ذاتها ، فيبدو لها أن هناك شيئاً ما ـ غيرها ـ أرقى منها يحفظ سر الوجود بصورةٍ مرعبةٍ .

هدف الأولى هو الحركة الدائمة من حقيقةٍ إلى أخرى ، وعبر كل الحقائق إلى الأخيرة مهما كانت . هدف الثانية أن تجدَ في عالمِ الحركة الأزلية والارتجاجات الدائمة نقطةً ميتةً لتثبّتَ عليها فكرةً جامدةً فتقيّد روح البحث والنقد بسلاسل الإيحاء الحديدية .

إحداهما تتفلسف حباً بالحكمة وهي مؤمنةٌ بقوتها ببطولة ، والأخرى تفكر بخوفٍ آملةً أن تنتصر على الخوف !

الفكرتان حرتان ، لكن إحداهما ككلِّ طاقة ، بينما الثانية ككلبٍ متشردٍ يعوي أمام كل بابٍ يُحسُّ الدفءَ خلفَه والهدوء والراحة الرخيصة .

وكثيراً ما تلتصق هذه الفكرة الثانية بالجدران متوسلة لتجلب الانتباه اليها _ متوسلة الى الخوف الذي ابتدعته هي نفسها . انها هي التي تتفسخ فتنفث في الأرض سمومها وتنفث القنوط ، أما الفكرة الأولى فتزين العالم بمعطيات العلم والفن .

......

المادية الديالكتيكية 

ابو ياغي


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

ملكة الياسمين بقلم فاطمة حرفوش

" ملكة الياسمين" دمشقُ يادرةَ الشرقِ وعطرَ الزمانِ  ياإسطورةَ الحبِ ورمزَ العنفوانِ لا عتباً عليك حبيبتي إن غدرَ بك الطغاةُ وأوصدو...