الخميس، 8 سبتمبر 2022

اصنام وتماثيل بقلم علي حداد

اصنام ..وتماثيل

 قصة قصيرة بقلم...علي حداد

الكلمة..أصبح الخلود ملتصقا بالعظماء فقط..وتماثيلهم الرائعة..
نحتاج الى اصنام للقذرين..لنبصق عليهم ....

ألأهداء . إلى نبينا وسيدنا إبراهيم, ع , نريد من أحفاده اليوم أن يقولوا بشجاعة.. نحن من حطم الأصنام .. وليس كبيرهم..
    

حين مررنا بمحافظة بابل سألتني زوجتي بصوتها الفاضح وهي تؤشر لي
_ لمن هذا التمثال ؟
نظرت الى التمثال وتذكرت صديقي النحات وكان نظره ضعيفا مما دفعه الى إجراء أكثر من عملية لإصلاحها....
_ هذا التمثال لرجل بنى مدينة الحلة .
رميت بعقب سيكارتي في الشارع الملئ بألأوساخ ..رأيتها تقفز من مكانها
كأن لدغة المت بها..وبصوت فاجأني أنه لم يكن فاضحا هذه المرة
_ أنت المثقف وترمي ب ...فما بال ....
تذكرت سفرتي القصيرة الى الصين وحين أردت أن أرمي بعقب سيكارتي في الشارع النظيف.. إذ برجل عجوز يركض خلفي وبيده صفيحة معدنية            
   تلمع وهو يؤشر لي على الصفيحة المعدنية أن أطفئها هنا ..ذاك صباح عجيب بقي يعيش في ذاكرتي طويلا ..وكانت إبتسامة إبنته التي ركضت خلفه توحي بأنها كبصقة في وجهي لم تنشف الى يومنا هذا..أنا الذي أوهمت الجميع بأني مثقف راق واحس معهم بألاحتواء ..والرقة والانسنة.. اقف اليوم أمام ألروايات التي كتبتها .. وعشرات القصص القصيرة..والندوات التي حشرت نفسي فيها وقد بح صوتي وانا أردد الثقافة ليست معرفة فقط وكذلك الأديان السماوية والوضعية.. أنها سلوك .. أهم من كونها معرفة ..احسست بتقزمي وغثيان مريب يتملك روحي ووجداني
_ وهذا ألتمثال لمن؟
عدت الى نفسي وإلى حجمي المزيف. وغصة تملأ هذا القزم الذي يقود سيارة قديمة..في شوارع نظيفة مغسولة
_ هذا للطاغية الذي حطم مدينة الحلة .
..وأنت تمشي في بغداد يمكنك أن ترى صنم هولاكو الذي حطم بغداد وهو يحمل بيديه معولا دون أن يعرف أن بغداد أم الدنيا لاينفع معها معول لخرابها.. وتبقى هي الاجمل برغم كل محاولات الاشرار لدمارها .. واذا مشيت في شوارع بغداد يمكنك ان ترى تمثال للعلامة الكبير طه باقر الذي ترجم الكتابات المسمارية .. واذا قادتك ساقيك الى منطقة الفضل لرأيت تمثالين كبيرين أحدهما للباشا نوري السعيد وبيده باكورة والآخر لرجل تركي طويل القامة بشارب كث يحمل بيده عصا بلون العنب الأسود وهما يتجادلان حول متر من الأرض , متر واحد فقط هذا يؤشر بباكورته هناك وذاك يوميء بعصاه هنا..وعلى مبعدة قليلة ينتصب تمثال جميل لفنان الشعب سليم البصري .. وإذا ما ساقتك ألأقدار وذهبت إلى الكوفة لمتعت بصرك بتمثال البهلول الكوفي وقد خطت على قاعدت التمثال مثله المعروف وبلهجة شعبية 
< إلياكلة العنز يطلعه الدباغ >
وحين عدنا إلى بغداد أخبرتها بأني عازف عن الذهاب الى البيت فدعوتها
على العشاء في كشك صغير يمتد بمقاعده الى حديقة غناء بأضوية فاضحة ايضا ..وكما جأتني إبنة العجوز الصيني تركض كذلك فاجأني صوت المرحوم الفنان كامل القيسي وهو يقول لي ذات ليلة شتوية عاصفة
_ أنت لاتعرف كيف تسوق نفسك , فأنت أشهر كاتب غير معروف.
وغص في ضحكة طويلة وظل يكح الى أن شرب قدح الماء حتى القاع ..وحين إستعدت سيرتي الذاتية وما شابها من سؤ طالع وفشل متواصل.. كدت أبكي لولا وجودها معي وهي تستغرق في
النظر عبر نافذة سيارتي القديمة.. كانت تبدو مستمتعة بالطعام والمقبلات والحلويات.غيرت طريقي ألمألوف وأنا أمربمقبرة ألشعراء وفي ممر ضيق صعقتني إنارته إذ هجم علي صوتها وكاد ان يمزق أذناي وهي تصيح بلهفة طفل فقد لعبته
_عندك هنا توقف..قلت توقف أرجوك 
كأني دهست احدهم وأنا أتوقف فجأة أردت أن أسألها عما ألم بها إذ رأيتها تؤشرلي بأصبعها على مجموعة من الإصنام تقدر بثلثمائة وثمانية وعشرين صنما <.....>
_ من هم ...من هؤلاء ؟
ضحكت بيني وبين نفسي .. ماذا أقول لأمرأة كأنها جاءتني من أدغال أفريقية < بالمناسبة كلما أتيت على ذكر هكذا مناطق يجئ على بالي المرحوم كاتب الرحلات المبدع محمد شمسي > 
دفعتني حركات يديها الى ترك صورة محمد شمسي جانبا وركنت بسيارتي على الرصيف القريب من مقبرة الاصنام هذه, وانا أفرش بنظري على هؤلاء وآخذ نفسا طويلا من سيكارتي التي لم أجرؤ على رميها في الطريق ألنظيف والذي تحف جانبيه أشجار مورقة مضيئة
_ إسمعيني جيدا..بعد أن أسقط الأمريكان وألدول ألمتحالفة معها النظام.. عملت هي وحدها على إنشاء مسابقة كونية إشترك فيها نساء ورجال من كرتنا الأرضية هذه ..... وبعفوية قاطتني بصوت عذب
_ ولماذا لم تشترك فيها ؟
_ فقط إسمعيني حتى النهاية..المسابقة قاعدتها ألأساسية أن يكون المتقدم .. قاتل قانوني..سارق قانوني .. وناهب قانوني.. ومن يستطيع أن يخرب البلدان ويبيع الاوطان وبطريقة لا تشكل الشبهات عليه .. ومن يستطيع ان تكون ضحاياه نتيجة الامراض العادية والمستعصية ومن يتمكن أن يجلب للناس الموت نتيجة البؤس والحزن والخيبة والهلاك وهذه جرائم شيطانية وبلا دليل ..بمعنى آخر أنها مسابقة لأقذر من عليها ..وقد فاز بها هؤلاء الذين ترينهم امامك .. حينذاك بان على وجهها الاسى والحزن وأطرقت برأسها ..ثم رفعته على غير توقع وتعلقت عيناها بلوحة مضيئة معلقة على بوابة مقبرة الاصنام هذه وهي تتساءل
_ ماألذي كتب عليها ؟
كانت لوحة كبيرة مؤطرة غلفها زجاج سميك مكتوب عليها بخط جميل
< مهما أكلت من جذوري أيها العنز فسوف يأت اليوم ألذي يصنعون فيه من أوراقي إكليل غار ليضعوه على رأسك ألمذبوح >
                                              . أحدهم .
وأعتقد أنها ترجمة حرفية لما قاله ألبهلول ألكوفي رحمه الله 
< إلياكلة العنز يطلعه ألدباغ >

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

ملكة الياسمين بقلم فاطمة حرفوش

" ملكة الياسمين" دمشقُ يادرةَ الشرقِ وعطرَ الزمانِ  ياإسطورةَ الحبِ ورمزَ العنفوانِ لا عتباً عليك حبيبتي إن غدرَ بك الطغاةُ وأوصدو...