الجمعة، 7 أكتوبر 2022

مقابر ناطقة بقلم علاء العتابي

مقابر ناطقة 

سيق بهم جميعًا إلى مطامر قد حفرت من قبل بواسطة مزنجراتهم الحربية!
فهنا حفرة كبيرة جدًا جدا، بينما تلك الحفرة فقط كبيرة!
ما إن أنزلوهم من ناقلاتهم العسكرية وهم مقيدي الأيدي ومعصوبي العيون، حتى فرقوا الأطفال عن الاباء والأمهات. فتعالت صيحات الأمهات وصراخ الأطفال!
أحمد، زيد، عمرُ ، خديجة ، سارة ، علي....
أمي، ماما، أماه، أبتاه، أبي، بأبا .....
أسكت الجميع بإطلاقه رصاصةُ واحدة مِن قبل ضابط القوة العسكرية! 
فسقط الأطفال مرتعبين بين أقدام الجنود، بينما الأمهات شبكن عشراتهن فوق رؤؤسهن مجثيات بين اجساد بعولتهن ولكن أعينهن مازالت تصد لأطفالهن!
هدأ الضابط من هول الحدث وقام ببعث الطمأنينة في عقول الأهالي والأطفال لكي يكمل مهمته على أتم شكل!
فقال لهم لا تخافوا يا أولادي سوف نلعب لعبة الاستخباء. سوف ننزل بكم ألى تلك الحفرة الكبيرة، ونضع كل طفل وجهه الى حائط الحفرة، ويعد كل واحد منكم مِن الواحد الى المائة وبعدها تخرج ونبحث عن اهاليكم.
وسيق الأهالي إلى الحفرة الكبيرة جدًا جدا ، وأعين الأطفال تراقبهم مثل زهرة عباد الشمس تدور تبعًا لقرص الشمس، ظنا منهم أنهم سيخبأون عن أنظارهم لكي تبدأ لعبة الاستخباء.
بث الضابط لغة التهديد في رأس الأمهات، إياكن والصراخ والعويل والا قمت بقتل أطفالكن إمام أعينكن!
نزل الأطفال بمساعدة الجنود الى الحفرة الكبيرة وبدأو يعدون...
واحد، إثنان ، ثلاثة ، أربعة......... تسعه، عشرة 
والجند تعد معهم بصوت مزعج لكي يشوشوا عليهم صرخات الأهالي وهم يطمرون غصبًا عنهم.
ثمانون، واحد وثمانين ...... تسعة وثمانين 
حتى ساوت المزنجرات مابين حافات الحفرة الكبيرة جدًا جدا و بالأرض المحيطة بها!
فلم يعد يسمع اي صوت من الأهالي.
تسعون، ثلاثة وتسعون.....خمسة وتسعون، حتى سمعت أصوات البنادق والرشاشات الآلية وهي تهشم رؤوس الأطفال واجسادهم.
تسعة وتسعون .... مائة سمعت من فم أخر طفل وهو يجول بقدميه كطير يرقص بجناحيه وهو مقطوع الرأس.
طمرت المزنجرات أخر ذرة تراب فوق الحفرة الكبيرة حتى تساوت مع الأرض المحيطة بها.
وضع الضابط أذنه اليسرى على سطح الحفرة الكبيرة جدًا جدا فلم يسمع شيئًا يذكر!
رجع ألى الحفرة الكبيرة بعد أن وضع أذنه اليمنى فوقها فلم يسمع شيئًا أيضا! 
فما عادت تسمع سوى صوت فوخان الهواء وهي تبكي حزنا على تلك الزهيرات الجميلات.
ذهب الجميع، وأفرغت الساحات من مزنجراتهم ومركباتهم ، صمتًا خيم على المكان فلم يسمع شيئًا.
بعدها سمعت أحدى الأمهات من باطن الحفرة الكبيرة جدًا جدا وهي تهمس في أذان الأخريات: اشسشش : لئلا يسمع صراخكن ويقتل أطفالنا.

علاء العتابي 
الولايات المتحدة الاميركية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

ملكة الياسمين بقلم فاطمة حرفوش

" ملكة الياسمين" دمشقُ يادرةَ الشرقِ وعطرَ الزمانِ  ياإسطورةَ الحبِ ورمزَ العنفوانِ لا عتباً عليك حبيبتي إن غدرَ بك الطغاةُ وأوصدو...