الأربعاء، 1 فبراير 2023

بؤر الفساد بقلم عبده داود

 بؤر الفساد

قصة

شاب أعزب خريج في كلية الصحافة والاعلام، يعمل في الصحافة، اشتهرت تحليلاته السياسية عبر الصحف، والتلفاز، وظهرت روحه الوطنية طافية في كلامه...

باتت الناس تستشهد بكلامه وتعتبره مدرسة اصلاحية وطنية حقيقية...

دعاه وزير الخارجية إلى زيارته واستقبله بحرارة وقال: 

باعتبارك من السلطة الرابعة، ما رأيك في وضع البلد، 

قال أمير: هناك بؤر فساد متغلغلة في جسد الدولة، وهذه مرعبة لأنها تشبه المرض الخبيث، وعلينا محاربتها بكل الوسائل وبدون رحمة، إذا استفحل أمرها، تؤدي إلى انهيار حتمي للوطن والوطنية. 

قال الوزير أنا معجب بشجاعتك ومؤلفاتك، لذلك سأتجاوز كل القوانين، وسأعينك سفيرا لبلدنا في الجبل الأخضر... بدل سفيرنا الراحل، الله يرحمه... 

تمنع أمير كثيرا في قبول الوظيفة. وقال أنا ليس لي في العمل الإداري، ولا الدبلوماسي حتى أكون سفيرا...

قال الوزير: لا تهكل هما. عندنا موظفة اسمها أميرة، مديرة مكتبك هناك، شاطرة، ذكية، مخلصة، وسوف تساعدك في كافة الشؤون الإدارية...

استقبلوا السفير الجديد، وقدم له معاونه كل الخدمات المطلوبة بترحاب معسول. لأنه كان منتظرا أن يكون هو السفير الجديد.

سأل السفير: أين أميرة مديرة مكتبي؟

أجاب معاونه: أميرة استقالت بسبب الزواج، لذلك أعلنا في وسائل الإعلان عن حاجتنا إلى موظفة محلية قديرة لمكتب حضرتك. 

جاءتنا طلبات كثيرة اخترنا منها أفضل خمسة طلبات، ونحن ننتظرك، حتى أنت تختار منهن التي تعجبك... 

بالفعل قابل السفير الصبايا واختار واحدة من الخمسة المختارات...

في صباح يوم لاحق، وصل السفير إلى السفارة، استرعى انتباهه مشاجرة عند المدخل.

سأل السفير الحارس ماذا يحدث هنا؟

قال الحارس: هذه الآنسة ممنوعة من دخول السفارة اطلاقاً...

تفضلي معي؟ 

 قالت أنا أميرة، كنت مديرة مكتب السفير السابق الله يرحمه.

قال السفير مبتسماً: أأنت أميرة؟ مبارك زواجك يا أميرة.

استغربت أميرة وقالت: أنا لم أتزوج، رد السفير إذن مخطوبة؟

 قالت لا ولست مخطوبة، وأنا جئت اليوم لأودع زملائي في السفارة قبل عودتي إلى الوطن...

قال السفير: غريب هذا الأمر، إذن لماذا استقلت؟ وزير الخارجية شكر فيك كثيرا وأوصاني بك. 

أجابت: معاون حضرتك أتهمني زورا بسرقة أوراق سرية من السفارة، وخيرني بين الاستقالة أو السجن...

أثناء الدردشة، دخلت مديرة مكتب السفير الجديدة لتحصل على توقيع ما... 

استغربت أميرة  واندهشت، عندما شاهدت مديرة مكتب السفير الجديدة، وبعد خروجها، قالت أنا أعرف هذه الشابة كانت تعمل في سفارة دولة معادية لبلدنا...

استغرب السفير بشدة الأمر، وأخرج طلبات التوظيف الخمسة من جرار مكتبه بحثا عن طلب الموظفة، التي قالت في طلبها إنها كانت غير موظفة ...

شاهدت أميرة طلبات التوظيف وصور الفتيات الملصقة عليها...وقالت جميع هذه الطلبات هي لموظفات في سفارات دول معادية لبلدنا، أنا أعرفهن جميعاً...

قال السفير: يا ويلتاه، هل أنت متأكدة من ذلك؟

قالت طبعاً، وجميعهن صديقات حميمات لمعاون حضرتك. 

قال السفير: أرجوك يا أميرة لا تخبري أحدا عن هذا اللقاء، وأرجوك أجلي سفرك إلى حين. 

أذهبي الآن لمنزلك وأياك أن تخبري كائن من كان، عن هذه الزيارة، وسوف أتصل بك شخصيا لاحقا.

اتصل السفير بوزير الخارجية وأخبره قصة أميرة...

 جن جنون وزير الخارجية، وأرسل على الفور مفتشين إلى سفارتنا. أجروا تحقيقات طويلة تبين منها صحة أقوال الشابة. 

تم ترحيل معاون الوزير قسريا  إلى الوطن، وتمت محاكمته وزجه في السجن لمدة لن يخرج منها حياً، وتم تسريح مديرة مكتب السفير الجديدة، وعادت أميرة معززة مكرمة إلى وظيفتها...

لكن المفاجأة، خرج معاون السفير المذكور من السجن بعد محاكمة استئناف  حكم له القاضي بالبراءة... وحكموا له شرفية مالية كبيرة اتضح فيما بعد بأن الشرفية له وللقاضي والمتعاونين.

جن جنون السفير، وقدم استقالته، لكن وزير الخارجية، تابع الأمر مع رئيس الدولة، ووزيري الداخلية، والعدلية، أعادوا معاون السفير إلى السجن المؤبد ومعه بؤرة الفساد  القاضي المرتشي وجميع الفاسدين المتعاونين معهم...

 أعجب السفير أمير بذكاء أميرة وتفانيها بالعمل وإخلاصها لوطنها.  وباتت يد السفير اليمين الفاعلة في العمل...

وشيئاً فشيئاً سلمها السفير كافة مهام المعاون الغائب، 

كثيرا ما كانت تأتي دعوات خاصة للسفراء من السفارات الأخرى، حفلات ترفيهية، موسيقية، كوكتيل، وما شابه، وكان البروتكول يقضي أن يصطحب السفراء زوجاتهم أو خطيباتهم معهم، لذلك كان السفير يصطحب أميرة معه... 

أثبت أميرة وجودها، في تلك الحفلات  مثقفة، واثقة من ذاتها. لبقة، تتكلم لغات أجنبية بطلاقة...مخلصة لوطنها...

 ترسخت محبتها بقلب السفير، لكن هي حبست قلبها المشتعل بحب السفير، وقالت هذا الحب مستحيلا، هو سفير كبير، وأنا مجرد موظفة سكرتيرة...

وأخيرا احتفلت السفارة بزواج السفير وأميرة... حفل كبير حضره وزير الخارجية وسفراء دول.


كتبها: عبده داود 

سورية


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

خاطرتها والحياة بقلم عواطف فاضل الطائي

( خاطرتها والحياة) ما الذي نلته من الحياة وما جنيته؟ وتبقى تحتفظ بينبوع ذكرياتها كلوحة على غلاف كتابها وتغسل جرحها الغائر في الأعماق وتتساءل...