سفر الريح
لم أكن أعرف أن الخريف يعشقني
حتى دعاني لحفل ذبول أوراقي
لم أكن أعرف
حتى دعا الريح أن تنتظرني
تقل في سفرها الأخير رفاتي
سألته أن أنتظر الشتاء
ذرف دمعة برائحة المطر
قال كانت آخر قطرة من المطر
وآخر دمعاتي
سألته عن أشيائي التي انتظرها
عن قصيدتي التي لم أكتبها
عن نار لا زالت مشتعلة رغم كثرة انطفائاتي
قال ستمكث نيرانك أمام جدران هي تسكنها
تبكي خفك المغروس في صحراء الذكريات
سألت عن قصائدي
قال سوف تقرؤها
وتفتش عن هذا القلم وعن محبرة الوله فيه
وعن مخبأ بحيرات الآهات
لن تنسى
لكن أنت الذي أثرت بنفسك عن امرأة تتنفسك عشقا
وتحبها في الخفاء
لا تقل كنت أنتظر الربيع
لا تقل كنت أنتظر الشتاء
فقلبك كان لا يدعوها للبقاء
سوف أفنيك...
وأنفيك إلى غيمة حبلى بالظمأ
المطر فيها سراب عشق لا يشرب منه إلا الأموات
لكن قصائدك ستظل حية
قناديل تشتعل على جدران أبنية الحب في أحياء العشاق
تراقص العاشقون
وتربت على شفاه المجروحين بحنين بقبلة من المواساة
على جدران لياليها
زينتك بألف قصيدة
فارس لفرس الخيال في الغزوات
رسمت صورتك حرفا حرفا
نبشت دفاترك
كانت تفتش عن اسمها في حروب قصائدك المشتعلة بعزف الألحان على مسارح الأغنيات
لم تعرف أن كل قصائدك كانت لها
حتى كذبك كان لها
كيف تعرف وقد تاه طريقك عنها
فأنت الذي ألبستها ثوب التيه حتى ضاعت
وغرست أقدامها في وحل الطرقات
عبادة محي الدين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق