ليتني بلا أب
الحلقة الثانية
كانت الأيامُ تجري كعادتها حتى ليلة الأمس..
فكانت ليلةً مختلفة بطريقةٍ باردة ومُرعبة.، في حينِ كنتُ متكئة على الأريكة أشاهد ما تعرضه قنوات التلفاز في غرفة المعيشة..
وفجأةً فُتح بابُ المنزل وتبعهُ صوتٌ والدي المرعب يناديني بطريقة مختلفة..، وكان أوّل ما خطر في ذهني أنّ الله رأفَ بي وبحالتي المزرية وعدل عن رفضه لجواد....
كانت المرة الأولى التي أرى بها ابتسامة والدي وللحظةٍ توهّمتُ بأن والدي صار حنونا ومتفهما..
لكنني صُدمت بقراره الجائر حين قال: أعطيت كلمتي للرجل فحضري نفسك يوم الخميس القادم سيكون حفل زفافك..
لا أدري من أين جائتني الجرأة لأرد عليه بعينٍ صارمة:
لن اقبل بهذا الأمر حتى لو ذبحتني..
ثم انصدمت بضربة على وجهي افقدتني وعيي..، كانت امي تدافع عني وتتوسل إليه حتى يتركني بينما كان أبي يجرّني من شعري صاعداً بي الى غرفتي..
وبعد عدة ساعات استيقظت لأجد نفسي معلقة بسقف الغرفة..، كنت في حال يرثى لها حيث كانت يداي مربوطتان بالحبال المربوطة بسقف غرفتي المهترئ..، أحسست أنني كالخراف المذبوحة التي يعلقها الجزّار في الحي المجاور وكم كنت أتمنى الموت في ذلك الوقت..
وبين خوفي من الحاضر وندمي على الماضي طاف بي خيالي لجواد الذي تجرأ وطلب يدي من أبي المتوحش..
أحسست بصوت جواد يناديني من بعيد قائلاً لا تخافي يا طفلتي فأنا آت لإنقاذك..
لطالما كان هذا السؤال يراودني: ما الذنب الذي اقترفته حتى يخلقني الله من صلب رجلٍ ظالم كأبي..،
جميع من أعرفهم يدعون الله بأن يطيل في أعمارِ آبائهم..، إلا أنا كنت ادعوه بأن يسلب روح أبي أو روحي أنا أو أرواحنا جميعاً..
في ذلك اليوم قضيت الليل بالدعاء الممزوج بالألم إلا أنني في نهاية المطاف أغمضت عيني تعباً وخلدت في نوم لا أحد يحسدني عليه..
في صباح اليوم التالي استيظت على صوت أمي وهي تبكي وتتوسل أبي بأن يفك لي قيدي..، وبعد ساعات من الترجي والبكاء سمح لها أبي بأن تفكني تحت مسمى الرفق بالقوارير وهل تفنى الرحمة من القلوب القاسية..
في ذلك اليوم عجزت أمي على إقناعي في تناول الطعام واستمر اضرابي عن الطعام عدة أيام حتى جاء اليوم الرابع واغمي علي..، ورغم ايماني بالقضاء والقدر وقربي من الله جل جلاله إلا أنني بصدق كنت أستدعي شبح الموت بأن يأتي ليسلب روحي ويخلصني من هذا العذاب..
مونيا بنيو
منيرة
#يتبع..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق