كانت المحبةُ تسيرُ ليلاً تدندنُ بلحنٍ عذبٍ فحانت منها إلتفاتةٌ إلى السماء في ليلةٍ مقمرةٍ فَفُتِنت بجمالها وسحرها فعشقتها وبادلتها السماءُ الهيامَ .
وكان ثمرةُ هذا الهيامُ بناتٌ وأبناءٌ كثيرون رائعون من بينهم صبيٌ صغيرٌ أعمى يحبُ الصيدَ كثيراً يحملُ قوسَه بيده وسهامه في جعبته يتجولُ صباحاً مطلقاً سهامَه عشوائياً فيصيبُ بها كلَ من يقعُ بطريقه .
حتى كَثُرَ المصابون وأصبحوا يعانون الأمرين فاجتمعوا فيما بينهم وقرروا أن يشكو أمره لأمه .
سمعت الأمُ شكوى الجميعِ بإنتباهٍ شديدٍ ووعدتهم خيراً ، في المساءِ جلست الأمُ مع ابنها بعدَ عودته من جولته وربَّت على كتفيه وقبَّلته وهمست بإذنه بصوتٍ ساحرٍ :
أَبُني لماذا تفعلُ ذلك ؟!.. دعْ الجميعَ يختارون مصيرهم بأنفسهم كُفْ عن اللهوِ والعبثِ بحياتهم .. أَلم ترى كم يعانون من جراء ذلك ..
قهقه الصغيرُ وأجابَ : أَيا أمي هم يعانون في الحالتين سأسحبُ سهامي من قلوبهم وسأدعهم فترةً وستري بنفسك كيف يكون حالهم !!.
مرت فترةٌ من الزمنٍ وأحوالُ الناسِ
كئيبةٌ حزينةٌ باردةٌ لا دفءَ فيها ولا جمالَ تكادُ تضيقُ أجسادُهم عن حملِ أرواحهم فزادت حالتُهم سوءً عما كانت عليه .
فلجأوا مرةً أخرى للأمِ علَّها تجدُ الدواءَ الشافي لهم .
استقبلهم الأمُ بحنانها المألوف
وأردفت بقولها :
أَأحبتي إذا كنتم ستتذوقون العسلَ عليكم أن تتحملوا لسعَ النحلِ ولكي تتمتعوا بعطر الورودِ وجمالها عليكم أن تتحملوا أشواكها لا خيارَ آخرَ أمامكم فابتسم الناسُ وهللوا
ونادوا بصوتٍ واحدٍ .. لتكنْ مشيئةُ الحبِ .
ومن يومها وهذا الصغيرُ الشقيُ يتجولُ في كل اتجاهٍ يوزعُ سهامه الطائشةَ شمالاً ويميناً والناسُ سعداءَ يسعون وراءه يهللون له ، مرةً مبتسمون لا تسعهم أرضاً ولا سماءً ومرةً حزانى يشكون حالهم لحالهم ماسرُ هذا الحب ؟!!.. تصعبُ الحياةُ والعيشُ معه أحياناً .. ولكننا لا نطيقُ فراقه ويغنون بنشوةٍ .
مابالُ نارِ الهوى
تلسعنا بلهيبها
فنبيتُ الليلَ .. سهارى حيارى
على أحرِ من الجمرِ
لكن ساعةً بوصلِ الحبيبٍ
تُطفىء نارَها .. فنعيشُ
بقربه بجنةِ الخُلدِ ...
وهكذا يمضون حياتهم يخوضون غماره ما بين مد وجزر .
**************
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق