كيف ألمس في غيابك ضوء النجوم
وكيف أقرأ الشمس وسط الغيوم
علمني كيف أعانق كف الجراح
و أحبس الدمعة في وهج الهموم
كيف تهزم الشمعة أبواب الظلام
و ينتحر القمر في بحر الغيوم
علمني جفاك
كيف يداعب الفجر نسائم الوجع
و يراقص الأنين خيوط الاوهام
كيف يمتزج لحن الصمت و الكلام
و تهجر النفس شهية الطعام
كيف يغيب البوح و يتكسر الإلهام
و يذوب الشمع في وهج الظلام
علمني عنادك
كيف يخترق البرق شجرة الحلم
يعريها من ثوب الربيع والضلال
يحيي خريف العمر وينعش السؤال
و يحول آهات الأنين إلى موال
علمتني قسوتك
أن العاشق مدان بلا حكم
محكوم بلا خطيئة و لا جرم
محروم من لذة الحلم
لا يفرق بين لذة الحب و الألم
يلتمس الأعذار و لا يشتكي
غارق في ضمأ اليأس ولا يبكي
يتربى بداخله الجرح و لا يحكي
مشلول النبض تحت مظلة الدموع
بحثا عن فجر ضوؤه مقطوع
يتأرجح بين الإقدام و الرجوع
علمتني جرأة صمتك
كيف يخاطب المتيم سواد العيون
و يلبس العاشق ثوب الحمق و الجنون
كيف يوقظ الذكرى و مواسم الحلم..
علمتني أسارير ابتسامتك العارية
كيف تنسجم قوافي الكلام و البيان
و يتحول الدمع دما فوق السطور
و القصيدة جرح يمتنع عن النسيان
والقوافي يراقصها النبض و الخفقان
بين شمعة نحيلة و فنجان
علمني هجرك
كيف تموت زهرة الياسمين ظلما
بين حقول الانتظار و هول الذبول
علمتني صفحات طيفك المهجور
كيف ترتعش الخطى فوق أديم القبور
و تموت الأوراق على سرير الأفول
علمني جفاك
أن الأحلام الباردة لا تثلج الصدور
و ليل القصيدة يشعل قسوة النفور
و فجر الغياب
لهيب في الحشا محفور
علمتني برودة مواعيدك
أن للإنتظار طعم مر المذاق
و الطريق إليه مليء بالحفر
لا يبلغه من لا يحسن السفر
و لا يعرف نزيف الهجر و الفراق
وقواميس الكذب و النفاق
منك تعلمت
النوم على سرير الصبر و الاصطبار
الصمت و معانقة الانتظار
و قصيدتي شبح معلق على الجدار
مصلوبة على قارعة حلم مفقود
بين موت و احتظار
تحكي قصة عاشق عاش
مهموم بالليل مذلول بالنهار
علمني حبك ما لم أعلم
ولا زلت منه اتعلم
ادريس العمراني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق