وداع الأحبة
كعادتي بكل صباح إستيقظ باكرا و أعد فنجان قهوتي لأرتشفه ساخنا حيث الطقس تشريني له لسعة من برد الصباح ، اتجهت نحو النافذة أمتع ناظري بإشراقة أول النهار ، فإنني أحب رؤية شروق الشمس واستنشاق النسمات البريئة التي تأتي على أستحياء تحمل معها نقاء المكان ، لكن الذي حدث وغير أحاسيسي و مشاعري وكياني هي لحظة باكرتني بخبر ، أن ولداي اللذان يعيشان في كنفي وذرياتهما قد آن موعد رحيلهم لغربة ظاهرها الرحمة و باطنها العذاب ،
وكذلك إبنة لي متزوجة تسكن بقربنا قد حان رحيلها مع وزوجها وذريتها أيضا فلم أستوعب تلك الصدمة القاسية ، يالها من لحظات قاسية غيرت نمط حياتي وإلى الأبد .
فرحيل أحبتي ، وعبورهم مسافات البعد على أجنحة المدى ، كدر النفس ليبيت العيش مكروبا بروح حزينة ، بها أرنوهم من عيون أيامي الباقية ، حتى هرمت و شاخت و شح نورها وأصبحت إلى الكفف أقرب ، وبفؤاد يشكو تعبه ومضناه مؤازرا نفس نأت عن أفراح الليالي ، فطوعا العمر للصبر ، ليعتكف بدروب غربتهم ، فإنتابني شرود ، وكأني أرى كل وجوه الناس شاحبة أكلتها سنين الإنتظار وتشبهني ، فسألت نفسي هل لي أن أصبر القلب على أمل أن يكون اللقاء يوما ما لي المعين ،
حيث لي من ذكرياتهم سمر باذخ وحب دفين رصين .
وبلحظة غفت ذاكرتي عن آمالها فضاعت بدهاليز الشقاء و البكاء .
لم أتيت بأحلامك ياخطار الفكر كخنجر في عين سعادتي ، وأنا الذي لا أنس أحبة روحي .
ألا تعلم أن الشوق ينهشها ، و يراودها بكل لحظة ، من الشفق إلى الغسق و أطراف الليل ، حتى باتت أوقات الغروب منهل الدموع التي كادت تنضب أسفا على فراقهم ، حتى بات ذكرهم هلوسة حديثي مع نفسي ومع الناس ، كأني أول المتشوقين لرؤياهم بقلب صبوب يبثهم الآن كل ذرة تفكير ، أما الروح فهائمة يناجيهم نوحها ، وتكتب الرحيل حتى يتوارى البوح في ثرى الوداع .
بقلمي / عبدالإله أبو ماهر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق