جلست بجانب من طاعتها نفسي وأحبتها روحي ، أتلذذ حديثها أسمع نبرات صوتها الممتلئ بعاطفة الأمومة . بكل إحساس أصغيت لأسلوب سردها ولم أحرك شفتي ،أنظر إليها بإهتمام ،أسجل كلماتها بذاكرتي ،فشعرت أن في حديثها روح سماوية تخاطبني ،قوة إلهية إرتعش لها قلبي ،هزت كياني حتى إنسلت ذاتي من ذاتي سابحة في الأفق البعيد تعانق مدى لا حدود له، فحامت نفسي في حدود الكون الواسع ترفرف بجناحي عاطفة أمي وحبها ، ترى الوجود أما وحلما و واقعا ،والجسد سجينا في ضيق الكون رغم شساعته.
كم هو عجيب و مرهف صوت والدتي ،بل به سحر أعجب من كل شيء عجيب ،سحر حديثها إمتزج بصوتها الحنين إستولى على مشاعري وأنا صامت ألمح في وجهها السمح إشعاع الكرم و السعادة ،كلامها الموزون جعلني ساكنا صاغيا محملقا مشرئبا والناظر إلي يخيل له أني أبكم أخرص كفيف مشلول ثم يدرك أن ألفاظها هي من تركتني أستغني عن الحديث والكلام ومقاطعتها .
هي امي يا سادة هي أمي . تتحدث ثم تتنهد لتسترجع أنفاسها ، تنظر إلي ثم تبتسم لمواصلة حديثها ، تحكي مرة بإسهاب وتارة أخرى بكلمات و جمل متقطعة ، وفي آونة أخرى تصمت و تتأملني وتمسح بكفيها على رأسي ، هي أمي ومن سواها أيها الناس ، هي من حملتني شهورا و ربتني سنينا .
فالأم هي نفس خفية تدركك وقت الشدائد ، ولغة بها ألحان شذية و قوافي عذاب تهتز لها أوتار عواطفك فرحا و طربا ،هي دواء لكل صدر سيطر عليه الضيق وهاجمه الكرب ، هي أنامل حنينة تطرق بلا فوضى ولا صخب أبواب المشاعر وتنبه حراسها بقدومها لتمسح بحنية على موطن الألم ، فتنشر السكينة و السلام في أنحاء ذاتك ، وتطوي صفحات الحزن و الحوادث المؤلمة و محنها .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق