بقلمى : د/علوى القاضى.
... هذه الآية تكررت في أربعة سور من القرٱن الكريم : * ( رضي الله عنهم ورضوا عنه ) *
... ذكرت في سورة المائدة وسورة التوبة وسورة المجادلة وسورة البينة
... * "رضي الله عنهم ورضوا عنه" * هذه الآية تتكون من بعدين : الأول هو رضا الله عن العبد وهذا هو مانسعى له جميعاً وأظنُ أن هذا البعد واضح ومفهوم للجميع ، الثاني هو الأصعب وهذا ماأردت التركيز عليه وتوضيحه وهو قول الله تعالى : ( ورضوا عنه )
... وهنا السؤال : هل أنت راضٍ عن ربك؟! وكيف أرض عن الله وأنا العبد الفقير إليه ؟!
.. سؤال صعب أليس كذلك لأننا عباده فكيف ننال شرف الرضا عنه ؟!
... أخى الكريم دعني أُعيد عليك صياغة السؤال : هل تعرف مامعنى أن تكون راضٍ عن ربك ؟!
... معنى الرضا عن الله : هو معنى يتمثل فيه صلب الإيمان بمعنى التسليم والرضا بكل ماقسمه الله لك في هذه الحياة الدنيا من قدر سواء كان فى تقديرك خير أم شر
... الرضا عن الله : يعني أنك إذا أصابك بلاء إمتلأ قلبك يقيناً أن ربك أراد بك خيراً بهذا البلاء وأنه أبعد عنك ونجاك من ماهو أسوأ
... الرضا عن الله : يعني أن تتوقف عن الشكوى للبشر وتفوض أمرك لله وتبث له شكواك ولا تشكو الخالق للمخلوق
... الرضا عن الله : يعني أن ترض عن ربك فى كل أحوالك ، إذا أعطاك وإذا منعك ، وإذا أغناك وإذا أخذ منك ، وإذا كنت في صحة وإذا مرضت بمعنى أن تسلم أمرك لله ، أن ترض عن ربك في كل أحوالك
... أن تنظر لحالك وتسأل نفسك : هل أنت راض عن نفسك ، حالك ، زوجك ، أبناءك ، أهلك ، قدرك ؟!
... فكل هذه الأشياء قداختارها الله لك دون إذن منك ، فهل أنت راضٍ عن إختيار الله لك
... إعلم أخى الكريم أن هناك خمس نقاطٍ مهمة يجب أن نفهمها خلال تدبرنا لهذه الآية :
١- شعورك بالألم لايعترض مع الرضا عن الله ولايتنافى أبداً معه أحياناً لسبب أولآخر ، فنحن بشر وهذه الدنيا دار إبتلاء ، ولم ولن يسلم منها أحد ، فخير خلق الله بكى عند وفاة ابنه والشعور بالألم دليل على تدفق المشاعر الإنسانية
٢- هناك فرق بين الصبر والرضا ، فالرضا درجة أعلى من الصبر ، لأن تصبر يعني أن تتحمل الألم ، لأن هذا قدرك وليس في يدك شئ غير الصبر ، ولكن الرضا أن تشكر الله على هذا الألم !
٣- الرضا عن الله منزلة عالية جدا لايصل إليها إلامن إمتلأ قلبه حباً لله ورسوله والقضاء والقدر خيره وشره ، فهناك أناس عندما يمرون بأي ضائقة تسمعهم يرددون دائما قول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ( رضيت بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد صل الله عليه وسلم نبياً ورسولاً ) ، ما أروعه من إيمان وما أروعه من يقين
٤- إعلم علم اليقين أن الله لايبتليك إلا ليسمع تضرعك وليغفر ذنوبك أوليرفع درجتك في الجنة ، فارض عن ربك
٥- الإنسان إذا لم يرض عن ربه فلن يكتمل إيمانه ، وحتى لو ملك الدنيا كلها فلن يرض أبداً للحديث : " من رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط " ، وسيبقى ساخطاً على كل شي وسيعيش حياته في نكد وشقاء
... لذلك الواجب علينا أن نتدبر هذه الآية ونفهمها جيدا على ماتهدف إليه
... تأمل حياتك وركز فى كل ماحرمت منه أو أُخذ منك واسأل نفسك هل أنت راضٍ عن الله هل رضيت بقضاءه وقدره
... وكرر دائما : ربي إني راضٍ عنك فارض عني
... راقب كلماتك وتصرفاتك ، إذا كنت ممن لايتوقفون عن الشكوى للبشر والتذمر من حالك فاعلم أنك من أشقى الناس وأنك في خطر ، فراجع نفسك حتى لاتخسر دنياك وٱخرتك
... تقرب إلى الله بتسليم أمرك له وبكل مايزيدك حباً لله
... فإذا أحببت الله ورسوله أحببت قدره وجميل عطاءه وقضاءه
... أخى الكريم تذكر دائما : أن ماأصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك
... غفر الله لنا ولكم أجمعين
... اللهم اهدنا واهد بنا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق