بقلم محمد أحمد محرم.
...
دلف المساء
في غرفتي
بعد توديع الشمس في طرف النهار
برزت الأفكار
قل تزاحمت في الحضور في بداية المساء
في عزلتي في قمرتي
فتحت مصراع واحد من نافذة مخدعي
توسطت دفاتري واتكأت على كتبي
إلا من تناثر الأوراق
برزت ورقة بيضاء مسطرة
أمسكت في يدي اليمنى قلمي على بداية سطرها
وفي يدي اليسرى وضعت الكوفية العتيقة
مر عليها لا أعلم
قل مر عليها الحول أو الحولين
والحول يساوي عامين
تصارع الرياح الشرقية
تقاوم ضربات الشمس القوية
لونها الكحلية
لامعة غامقة
ساطعة غامضة
واليوم تغير لونها
فأصبحت باهتة حزينة
وعلي محيط خصرها
تشكل العالم في خريطة
وفي ظاهر صدغها الأيمن مفتاح الخريطة
وعلى ضوء المصباح الخافت
افرك عيني لا أزيح العتمة
وتذهب غشاوة الظلمة
أمرر عدستي
لتكبير أدق تفاصيل الأحجام الصغيرة
ابحث عن دروب مدينتي
وشوارع حارات وضيق ممرات الأزقة
عبدت بأحجار قديمة
سوداء ملساء صماء قوية
مرة أخرى افرك عيني
أنتظر جلاء الحقيقة
من بين غشاوة العتمة
وبراكين الألم
قد تظهر أم تنتظر فارس الأحلام
أسطورة تلك المدينة
من بقايا حكايات الأجداد الغزيرة
حكايات عجاف عجيبة
لا زلنا في انتظار
فهو في نوبة سبات طويلة
بعد معارك خاضها من قرون مضت
سيعاود الظهور
وإصلاح اعوجاج ضلوع المدينة
لست أدري! هل هي بقايا أضغاث أحلام؟
هل هي رؤية صادقة اجتلاء فيها الحقيقة؟
هل هو رحال في قافلة ابن بطوطة؟
أم هل كان رحل مع ابن فطومة؟
الأم تيريزا
الأم العزيزة الكريمة النقية
أم هو نشوان الحميري
سجل في كتاب الإكليل
كل أحداث المدينة
لم يبق منه إلا الذكرى
وبعض الخطوط العريضة
وما بين السطور
قد تماهى وتلاشى
ورحل مع النسيان
وجرس الذكرى يرن
في صوامع المدينة
من عيون الشعر
من كتابات
أهل العشق
أهل القلوب السلية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق