المجلس التاسع والعشرون
إدارة : د/علوى القاضى.
... إكتمل المجلس وسألني أحد الأحباب ، هل هناك فرق بين العباد والعبيد ؟! ، وماهي صفات العباد ؟! ، وكنت أظن أن العبادة السهلة البسيطة التي لاتحتاج إلى مجهود بدني أومادي هي (الذكر) فقط لأنها باللسان ، فهل هناك صور أخرى للعبادة السهلة التي لاتحتاج إلى جهد مادي أوبدني وتقربنا إلى الله وتكون سببا في دخولنا الجنة؟!
... وبعد حمد الله والثناء عليه بإسمه المعبود والصلاة والتسليم على حبيبه المصطفى وتوحيد القصد لله والدعاء بالتوفيق أجبته
... أيها الأحباب يقول المولى عز وجل (وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا ، وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا ، وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا ، إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا ، وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا ، وَالَّذِينَ لَايَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلَايَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّابِالْحَقِّ وَلَايَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا ، يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا ، إِلَّامَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ، وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا ، وَالَّذِينَ لَايَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا ، وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا ، وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا ، أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا ، خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا ، قُلْ مَايَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا) ، (ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ)
... الله سبحانه يريدنا عبادا له بهذه الصفات المذكورة فى الٱيات ، وهناك فرق بين العباد والعبيد ، فالعباد يطيعون الله باختيارهم ، ويفعلون مايأمرهم به إيمانا وحبا ، وينتهون عما نهاهم عنه ، أما العبيد فإنهم لااختيار لهم وهم مجبرون على طاعة سيدهم
... والعباد في القرآن الكريم لفظ له كرامة الصلة بالله تعالى فيضاف إلى الله تعالى كما في الٱيات ، بينما لفظ العبيد فهو يشمل البرّ والفاجر ، وعند استخدام لفظ عبيد قال سبحانه (وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ) ، فهي تطلق على عبيد الناس وعبيد الله معًا ، وعادة تضاف إلى الناس ، والعبيد تشمل الكل المحسن والمسيئ (مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) ، ولذلك تجمع كلمة (عبد) على جمعين ، هناك عبد جمعه (عبيد) ، وعبد جمعه (عباد) ، (إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ) ، (نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)
... والعبادة لله تعني أنك تأملت بديع الصنع في الكون ، وعلمت أنه مسخر لك ، لتكون في خدمة مراد الله ، ولكي يثبت إيمانك ، فجوهر العبادة هو إعمال القلوب لتحيا مع الله عن قرب ، وهي الجهد والكدح لتزرع فيها الخير لنفسك ولتحصد الثمرة فى الٱخرة
... أيها الأحباب ، العبادات السهلة والتي لاتحتاج لأي مجهود مادي أو بدني تصب في منهج الإسلام الوسطي تحت عنوان ( الدين المعامله) مع أسرتك ومجتمعك الصغير والكبير وعامة الناس ، مثلا (عبادة الرضا) ، إذا رضيت بما قسم الله لك تكن أغنى الناس ، أيا كانت قيمته لأنه هو الأنسب لك في كل الأحوال ،،،، (عبادة جبر الخواطر) , وهي بحلو الكلام وطيب اللسان تكسب بها قلوب الناس ،،،، (عبادة قضاء حوائج الناس) ، وهذه تأتي لأغلبنا عندما يحتاجك البعض كي تساعده للوصول لغايته أو لقضاء حاجة ،،،، (عبادة الكلمة الطيبة صدقة) ، كلماتك الجميلة من لسانك يشهد لك بها يوم الحساب ،،،، (عبادة حسن الظن) ، أحكم بالظواهر وأترك البواطن لله لأن الله هو الذي يحميك من الشر ،،،، (عبادة زكاة العلم) ، وهو أنك إذا سألك أحدهم عن معلومة قلها كاملة مثلما ساقها لك رب العالمين وعن طريق أحدهم إبعثها لكل الناس وأفدهم بها ،،،، (عبادة التفاؤل والأمل بالله) ، أي والله التفاؤل عبادة (أنا عند ظن عبدي بي) ،،،، (عبادة ترك مالا يعنيك) ، وهو عدم التدخل في أي شىء لايعنيك وتترك التحليلات والإستنتاجات التي تؤدي إلى سوء الظن ، (يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسوءكم) ،،،، (عبادة التغافل) ، لاتدقق كثيرا في عيوب غيرك ، لأنه من عاب شيئا على أحد وقع فيه وأصابه نفس العيب ،،،، (عبادة الإمهال والصبر) ، تمهل واصبر لتعطي المخطئ فرصة أخرى لعل وعسى أن تكون له مُعين ،،،، (عبادة وقف الشائعات عندك) ، وهذه مهمة جدا بأنك إذا سمعت كلاما سيئا عن أحد دعه يقف عندك ،،،، (عبادة التبسم) ، تبسمك في وجه أخيك صدقة ، إدخال السرور على قلب إنسان ، سواء بلين المعاملة أوالصفح عنه أوالتبسم له أوالهدية أوالمعونة أو الكلمة الطيبة أوالبشرى أوغيرها ،،،، (عبادة صلة الارحام) ، أظن لايوجد أسهل من هذه العبادة ، فلنعود أنفسنا دوما على فعل الخير بصلة ارحامنا وبعد مماتهم نصل من كانوا يحبون وصلهم
... رأى أحد تلامذة الإمام الشافعى ( رحمه الله ) رآه فى المنام فسأله عن حاله مع الله فى الآخرة وماصنع الله به ، فأجابه أن الله قد غفر له ورحمه وزفه إلى الجنة زفا
. . فسأله التلميذ : بماذا ياإمام ؟! ، فقال الإمام رحمه الله : بما كتبته فى أول كتاب الرسالة ، وانتهت الرؤيا ، وبعد أن استيقظ التلميذ ذهب ليقرأ أول كتاب الرسالة فوجد الإمام كتب (اللهم صل على محمد ماذكره الذاكرون وصل وسلم عليه ماغفل عن ذكره الغافلون)
...اللهم صل وسلم وبارك على حبيبك ومصطفاك سيدنا محمد كلما ذكره الذاكرون وغفل عن ذكره الغافلون
... تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال وخير الطاعات
آمين . آمين . آمين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق