يُروى أن دجاجة حمراء اللون ذهبت إلى عُقاب، وعرضت عليه حبها ورغبتها في الزواج منه، وقالت له: اعلم يا سيّدي أنني مثلك من جنس الطيور، ومتشابهان في الصورة تقريبا، لك جناحان ولي جناحان، لك منقار ولي أنا أيضا منقار، لك رجلان ولي أنا كذلك مثلهما، والفرق الوحيد الذي بيننا هو أنك ذكر وأنا أنثى، وأنك تستطيع الطيران والتحليق في الأجواء العالية، بينما لا أستطيع أنا الطيران مترين.
عندئذ قال العُقاب في سره: يا لهذه الفرصة الرَّائعة، دجاجة تجيئني وتقول لي: أحبك وأريد الزواج منك! نَعَم صحيحٌ كلامُ الذي قال: تعال إليَّ أيها البلاء وإلا فإنني أنا من سيأتيك...، ثم إن هذه الدجاجة جاهلة، أنا ليس لي منقار، وإنما عندي منسر، كما أنني آكل اللحم وهي لا تأكله، أنا جارح وهي داجنة، ولكن ما ألذ افتراس الجاهلات اللواتي يذهبن إلى حتفهن بأرجلهن.
ثم نطق مخاطبا الدجاجة: هل أصارحُكِ بشيء يا دجاجة؟
الدجاجة: تفضل أيها العُقاب، كلي آذان مُصغية.
العُقاب: أنا أحبك منذ مدة طويلة يا دجاجة، وكنت أكتم شعوري تجاهك، ولم أصارحك به خشية أن تصُدِّينِي، لأنني لم أكن متأكدا من أحاسيسك نحوي، فأنت يا حُلوتي الجميلة الرائعة، تسكنين قلبي وعقلي وخيالي منذ أن رأيتك أوَّل مرة، ومثلما قُلتِ أنتِ، فإنه لا فرق بيننا في الشكل تقريبا، إلا في أشياء لا تكاد تكون واضحة وبيِّنة.
الدجاجة(مغتبطة وفخورة): نعم يا عُقابي، لقد كنت متأكدة من أنك تُبادلني شعور الحب، فأنا لا أُخطئ أبدا في مثل هذه الأمور، ودائما أُقَيِّمُ الأمور جيدا.
العُقاب(في سره ساخرا): عُقابي؟!...، بل قولي عِقابي يا جاهلة، ثم إنني لستُ عُقاب أحد، أنا عُقاب نفسي فقط، ومن تتوهم بأنني عُقابها، فلقد ثكلتها أمها وأبوها وقومها، وسيأتيها العِقاب بدلا من العُقاب، ثم مُواصلا في سره: وإنني أنا أيضا يا دُجيجتي متأكد من نفسي دائما، ولم يحدث أبدا وأن أخطأتُ وضاعت مني فريستي، بعدما ظفرت بها ثم طِرتُ بها في الجو، أستطيع أن أذكر خمسين حمامة، وخمسمائة يمامة، وألف فأرة، ومائتي حجلة، وستين سلحفاة، والكثيرات الكثيرات، نسيتهن لكثرتهن، كلهن يطمعن في حب العُقاب والظفر به زوجا، والعُقاب لا يتزوج إلا من اللقوة هاهاها ... .
الدجاجة: أراك تبتسم يا حبيبي وأنت شارد الذهن، إن لم يخنّي حدسي فأنت تُفكر في العش الذي سيأوينا، والأبناء الذين ستفقس بيوضنا عنهم، والمستقبل الزاهر الذي ينتظرنا، أليس كذلك يا حبي الأول والأخير؟
العُقاب(في سره ساخرا): أمـا حـبـك الأول فـأنـت كـاذبـة، لـيـس بـعـيـدا، أمـسٍ فـقـط سـمـعـتـك تقولين للديك: يا حبيبا عجز لساني عن وصفه، أُهديك عمري يا من لا حبيب لي غيره، وقبلها بيومين رأيتك تُواعدين الثعلب، وقبلها بأسبوع رأيتك مع الجرذ، وسمعتك تقولين له: لن أحب سواك ولن أتزوج أبدا أحدا غيرك، تُوزعين الحب على كل من هب ودب، وعلى مرأى ومسمع من الحيوانات والطيور، ولا تستحين أو تتحرجين من شيء، وأما حبك الأخير فأنت صادقة، ولكن ليس حبك الأخير، وإنما حتفك ويومك الأخير...، ثم إن تفكيري كله في ملء بطني، وإسكاتُ تماسيح وأفاعي أمعائي التي تتضور جوعا، وليس في العش والأبناء.
ثم قال لها: أجل يا حبيبتي دُجيجة، إن لك حدس قوي تتنبئين وتعرفين به أفكار غيرك بسهولة.
الدجاجة(معتدّة بنفسها): نعم يا عُقاب، لسوف يحسدك العقبان جميعهم، وتحسدك كل الطيور لأنك تزوجت من دجاجة ذكية مثلي، تقرأ ما في رؤوس الآخرين بمجرد النظر في وجوههم، وإني أعرف أيضا أنني لم أسئ الاختيار، فأنت كذلك ذكي.
العُقاب(في سره ساخرا): ذكيّ وفقط؟!...، صحيح، إن من الجهل ما قتل، يذهبن إلى الموت بأرجلهن، ثم بعد ذلك يبكين ويلطمن ويقلن: نحن مظلومات...، سوف أُريك أيّ ذكاء عندي، يا أيتها الذكية التي تعرف أفكار الآخرين من خلال النظر في وجوههم .
ثم ساخرا ومعقبا على كلامها في سره كذلك: لسوف يحسدك العقبان جميعهم، وتحسدك كل الطيور لأنك تزوجت من دجاجة ذكية مثلي...، بل سيسخر مني كل من يراني أو يسمع بقصتي، وسيقولون: التافه على جلالة قدره، وعظيم أمره وخطره، تدنو همته إلى التفاهات، وينخدع للدجاجة المحتالة، فياله من مسكين!، إنه غبي ومغفل، استحمقته الدجاجة وضحكت على عقله، ولعبت على عواطفه، وصَدَّقها لأنه ساذج وبليد، وهي مُحتالة يعرف الجميع خداعها وكذبها ونفاقها، ويضحكون بالتالي مني، وأصير أحدوثة المجالس وتسليتها، وكلما أمُرُّ بملإ منهم يقولون: هاهو الأحمق الغبي المُغفل، الذي ضحكت على عقله الدجاجة الحمراء، وسيقولون: يا لنكسة مجتمع الطير الجارح ونكبته بهذا المغفل بينهم، أَوْلَى بهم أن يتبرؤوا منه، ويُعلنوا أنه من الخفافيش، أوالبوم، أوالبُغاث، وليس جارحا مثلهم، لسوف يتناولونني بالغمز والهمز واللمز، والحُـرُّ يجد في نفسه من مثل هذا وأشباهه...، أتريدين أيتها الشريرة الحمراء أن تُمَرِّغِي كرامتي بالأرض، وتُنزلي من قدري وعُلُوّ همتي إلى أخلاقك ومستواك يا آكلة الديدان والحشرات، وتجعلينني أضحوكة ونُكتة يتسلى بها الآخرون في السَّمر والسَّهرات، وأُصبح حديثا سيئا، وخبرا مُزعجا ومشينا، ووصمة عار في جبين مُجتمع الطير الجارح...، حسنا سأجاريكِ إلى حين، وبعدها سوف ترين وتعلمين، فعند العُقاب الخبر اليقين...، أقـسـم أنـنـي سـأجـعـلـك مـثـلا وعـبـرة لـمـن تعتبر، ولمن لا تعتبر حتى تعتبر، سأجعلك حكاية لا تُنسى لكل حيوانات الغابة وطيورها، ودرسا أليما مُوجعا لكل مُحتالة مُخادعة.
ثم نطق مخاطبا الدجاجة: يا حبيبتي، هذه مدة وأنا أكتم حبي لك في قلبي، فما رأيك لو أضعك بين رجليّ ثم أطير بك في الفضاء، نتجول ساعة من الزمن فوق الغابة، لِتَستمتعي برؤية جمال الغابة وسحرها الفتَّان.
الدجاجة: بكل فرح وسرور يا حبيبي، فأنا لولا ثقتي بك لما قبلت اقتراحك هذا، وحتى أمي لما أخبرتها بحبي لك، قالت لي بأنها هي أيضا تثق بك، ولست محل شبهة عندها...، مثلي أنا تماما.
العُقاب( في سره ساخرا): موضع ثقة عندك وعند أمك؟!...، يا لك من لئيمة ووقحة! فأنا لو أستطيع أن أفترس أمك أيضا فلن أتردد ثانية واحدة، ولكن هو كذبك وخداعك، حتى تُعطيني دفعًا معنويا لتصديقك.
ثم مُعقبا على كلامها ساخرا في سره كذلك: فأنا لولا ثقتي بك لما قبلت اقتراحك هذا...، نَعَم، وأنا لولا ثقتي بنفسي، أنني أفترس كل من تكون في مخالبي وأطير بها في الجو، لما قلت لك تعالي نتنزه.
وطار بها، ثم أخذ ينتف ريشها، فقالت له معاتبة ومُتمنِّعة: استح يا حبيبي، يجب أن لا تلمسني قبل إتمام مراسيم الخِطبة والزواج.
عندئذ استدار العُقاب إليها، وأمال رأسه إلى جهتها وقال لها: أنت في وضع غير مسموح لك فيه بالكلام ولا بالاحتجاج، أنا فقط من يتكلم...، والـعـيـب كـل الـعـيـب في أن تقولي لي استحِ، فأنا في مثل هذه اللـحـظـات، أقـتـل أهلي وعشيرتي وكل قومي لو يقولوا لي :استحِ، فحبك يا دُجيجتي اضطربت له أمعائي وأفكاري، وأرَّقَنِي ليالٍ طوال.
الدجاجة(مذعورة ومستفهمة): بتُّ لا أفهمك، فمالذي جعلك هكذا عنيفا وغامضا؟
العُقاب: أما عنيفا، فلأن الزمن عَلَّمَنِي أن العنف في هذه الغابة، هو الذي يملأ البطن ويسد الجوع، والرحمة فإنها مجلبة للنقمة، وأما غامضا فلأن الغموض بين حيوانات هذه الغابة وطيورها مدعاة للهيبة والوقار، والوضوح يجني على صاحبه الهلاك والدمار، فهؤلاء الذين نعيش بينهم لا يهمهم الخلال الحميدة التي توجد في الواحد منا، بل إذا بدت لهم في الواحد منا خلّة حسنة، حسبوها نقطة ضعف فيه، وضربوه من خلالها في ظهره وفي صميم قلبه، اعتقادا منهم أنه أبله وضعيف.
الدجاجة: وما دخل كل هذا بحبنا العفيف الطاهر يا نور قلبي؟
العُقاب: اخرسي يا عديمة الحياء، لو كان حُبنا عفيفا طاهرا ما كنت هنا معي وفي مخالبي، ولعلمك أنا ليست لي رجلان مثلك، ولا منقار كمنقارك، أنا يا حبيبتي التافهة لي منسر ومخالب.
الدجاجة(مصدومة ومرعوبة وغاضبة):لا تقل حبيبتي التافهة أرجوك، ولا عديمة الحياء، وإلا فلن أكلمك بعد اليوم، ولن أحترمك.
العُقاب: أما احترامك فابلعيه إن شئت، أوارميه فإنه لا يهمني، وأما أن لا تُكلميني بعد اليوم فأنت صادقة، وهذه أول مرة تصدقين فيها، بعد كل كذبك في حياتك التي لم تخلُ يوما من الكذب والنفاق والرياء، والانتفاخ بما لا يليق بك كدجاجة، أوَحسبت العُقاب مغفلا وأحمق فاستصغرت عقلي، لا يستصغر عقول الكبار الفحول إلا صغار العقول، لو تنطق هذه الأحجار والأشجار والوديان والوهاد، والهضاب والتلال، وكل ركن أو زاوية من غابتنا، لشهدت على دناءتك ونذالتك.
الدجاجة(حزينة وباكية): لقد تجاوزت حدودك معي كثيرا يا عُقاب، فيا لخسارة ثقتي المفرطة فيك، ويا لخسارة ثقة أمي فيك أيضا، هيا أنزلني فأنا أكرهك، ولا أحب أن أراك بعد اليوم أو أعرفك.
العُقاب(ضاحكا ومتشفيا): نعم ستنزلين إلى الأرض، ولن تري وجهي بعد اليوم، ولا وجه أي مخلوق على هذه الأرض.
الدجاجة(باكية ومستعطفة): ارحم حبي لك يا عُقاب، وارحم ضعفي أيضا، فإنه لا يليق بقوي مثلك أن يعتدي على ضعيفة مثلي، وإن حِلْمَ القَوِيِّ وتعففه عند المقدرة شهامة ورفعة.
العُقاب: يا دُجيجتي، بل إن على قويٍّ مثلي أن يضع حدا لمحتالة مثلك، ولا يتركها تسرح وتمرح على هواها كيفما شاءت، على قويٍّ مثلي أن يردع مثلك ويُوقفها عند حَدِّها، على قَوِيٍّ مثلي أن يُوقف صوت النِّفاق المُستشري، على قَوِيٍّ مثلي أن يضرب بيد من حديد على رؤوس المنحرفين والمحتالين، على قَوِيٍّ مثلي أن يبطش بالأنذال المجرمين، ويقطع دابرهم ويستأصل شأفتهم، على قَوِيٍّ مثلي أن يصول ويجول، ولا يترك الأمر هَمَلًا فيذهب ويضيع ويزول... .
ثم تُخاطبينني بالحكم وتقولين لي: إن حلم القويّ وتعففه عند المقدرة شهامة ورفعة...، فبماذا تُفيدني حِكَمُ الماضي إن أنا متّ جوعا؟ هل توفر لي هذه الحكم القوت؟ أو هل تمنع عني هذه الحِكَمُ الشَّرَّ إن أنا وقعت في فخ مفترس؟ إن الحِكَمَ والأمثال لا تُؤثر في الجائع، ولا تَكُفُّهُ عن عزمه في مشروعية القوت أو حُرمته، إن حِكَمَ الماضي في اعتقاد المفترسين لا تُفيد الحاضر ولا المستقبل في شيء، فكل عصر وزمان له حِكَمُه وأمثاله، ومن أمثالنا يا دجيجتي في هذا الزمان: من ضاعت منه فريسة، فإن روحه خسيسة، وحياته تعيسة رخيصة بئيسة، هذا هو شعارنا نحن أصحاب المناسر والمخالب، ومعنا على هذا كذلك أصحاب البراثن والأنياب، نهجٌ واحد نسير عليه، إلا أن الضَّحايا مختلفة.
وبعد أن نتف ريشها، أطلقها فارتطمت بالأرض وتناثرت أشلاءً، ثم لحق بها وحَطَّ إلى جانبها، ثم ركز نظره فيها وراح يقول في سره: أنت ضعيفة جدا، ولا تملكين قوة جسدية تُدافعين بها عن نفسك، والقوة الوحيدة التي تملكينها توجد في رأسك، ولكن قوة الرأس لا تنفع دائما، إذ يحتاج الواحد أحيانا إلى قوة جسدية يدافع بها عن نفسه...، نَعَم إن قُوَّتَكِ في رأسك، ولذلك فإنه أولى بي أن آكل رأسك أوَّلاَ كفاتحة شهية، لآكل بعدها باقي جسدك...، فحتى أتلذذ بالجسد، عليَّ أوَّلاً أكل الرأس، ولكن ما أصعب أكل الرأس، فهو مليء بالعضام الصلبة والصعبة على الهضم، ولكن الأشياء الصعبة دائما تكون لذيذة، لأن الواحد يبذل في سبيلها جهدا شديدا وطاقة كبيرة، وعناءً خاصا واستثنائيا ، فيكون لها ذوق مميز ونكهة جنونية، ولكن رغم صعوبة أكل الرأس لقساوته بسبب العضام، إلا أن الرأس الصغير أسهل في الأكل من الرأس الكبير، ورأسُ الدُّجيجة صغير، وأكله سهل يسير، سأجتهد في أكله بسرعة، حتى لا تُتعبني العضام، ثم أنتقل بعدها إلى الجائزة الكبرى، هاهاها... .
وبعدما شبع من لحمها: نظر في البقايا وقال: إن كل من سَوَّلَت لها نفسها حب العُقاب، سينالها العِقاب، ألا فلتذهب إلى الجحيم كل من أحبت عُقابا، ولتحل عليها اللعنة إلى أبد الآبدين.
ثم طار وحَلَّقَ في الجو وهو يقول: هل من عاشقة أخرى تُريد الظَّفر بالعُقاب زوجا؟ فعلى ما يبدو أنني وسيم ومحبوب، ولذلك تهيم الإناثُ فيَّ وتتكالب في أيِّهن تظفر بي، وأنا أيضا أهيمُ في التي تهيم فِيَّ، هاهاها... .
تناهى خبر الدجاجة والعُقاب، إلى والي تلك المنطقة من الغاب، وكان ذئبا من الذئاب، فاستدعى على الفور قائد جنده وحرسه كلب الكلاب، بعد أن غضب واستشاط وفارقه الصَّواب، وأوشك حِلمُهُ على النّفاد والذّهاب، وأمرهم بالبحث عن العُقاب، وأن يجيؤوه به ولو فَـرَّ إلى السَّحاب، وحيًّا كان أو ميتا تحت التراب.
بحث الجنود المخلصون الأوفياء، المُطيعون النُّبلاء، دون كلل أو عناء، في جميع أركان وأنحاء وأرجاء الغابة الخضراء، ولكنهم لم يقفوا للعُقاب على خبر، أو يعثروا له على أثر، أو أيّ شيء من الأشياء، يمكن أن يكون خيطا أو دليلا يقود إلى مكان الاختفاء والاختباء، وعادوا إلى واليهم سيِّد النجباء والكرماء، وأخبروه فقدان أثر وخبر المجرم عُقاب السماء.
قائد الجند: يا مولاي، لقد بحثنا عنه في كل مكان، وسألنا عنه كل طير وحيوان، فلا أحد رآه بعد حادثة الدجاجة البتول العذراء، التي غدر بها وسفك دمها، وقتلها القتلة الشنعاء، فلكأن الأرض انشقت وابتلعته، أو لكأن الجن اختطفته، أو لكأن السماء انفتحت وأخذته.
الوالي: لا الأرض انشقت وابتلعته، ولا الجن اختطفته، ولا السماء انفتحت وأخذته، ولكنه لما افتضح أمره، خشي على نفسه من عِقاب يلحقه ويطاله، ففر بجلده واختفى، ولكن إلى متى؟ سيُقبض عليه عاجلا أم آجلا، وحينها سوف يعلم ويرى، لأعاقبنه عقابا أليما على جريمته النَّكراء، جزاءً على ما اقترف وجنى.
ثم مكملا في سره: يا للخيبة، ويا للصَّدمة، ويا للنَّكسة، كيف سبقني العُقاب إلى الدجاجة؟ وكيف لم أعلم بأمر الدجاجة من قبل؟ ألا فليكن لحمها سُمًّا في أمعائك أيها العُقاب اللئيم، يا أيها الخبيث...، لقد كان حَرِيًّا أن آكلها أنا وليس العُقاب أو غيره، يا لحسرتي على ما ضاع مني! كيف لم أنتبه إلى الدجاج من قبل؟! فأنا يُعجبني الخراف والنعاج والأرانب والغزلان والبقر والحمير...، ومشغول دائما بافتراسهم، فَهُمْ طبقي المفضل، لكنني سوف آكل الدجاج بعد الآن وأتنعم به، سأزيده في قائمة أطباقي المفضلة، سأفعل كما فعل العُقاب الخبيث، سأغري ما استطعت منهن بالزواج، والتي أستفرد بها أفترسها.
بقلم: عبد الكريم علمي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق