المجلس الثالث والعشرون
إدارة : د/علوي القاضي.
... سألني أحد الأحباب عن ليلة القدر وكيف ندركها
... بعد حمد الله ، والثناء عليه بإسماءه العاطي الوهاب ، والصلاة والسلام على نبيه وتوحيد القصد لله والدعاء بالتوفيق
... أخى الكريم ليلة القدر ، ليست ثابتةً بل متنقِّلة ، قد تكون في اللَّيالي الشَّفع ، أواللَّيالي الوتر ، لايُمكن الجزم أنَّها ليلة معيَّنة ، ولايُشترَط أن تُعلم أيَّ ليلةٍ هي لتنالَ الأجر ، أقمِ العشرَ واجتهد فلستَ أعظم مكانة من نبيِّك ﷺ حتَّى تخصَّ ليلةً دون البقيَّة أو ليالٍ دون غيرها ، نشرُ أقوالٍ أنها جزمًا ليلة ٢٧ هو تثبيط للهمم ، وحثٌّ على الكسل ، وتصويرُ الشَّمسِ وترقُّبُ صفتِها ممَّا لم يكن في عهد السَّلف وفعلُه بدعة وفيه تكلُّفٌ وتثبيطٌ للنَّاس ، فمن يقول هي ليلة كذا سيثبِّط مَن فاتَته ، ويتَّكل مَن يظنُّ أنه أدرك ، لمَّا جزم أحد الصَّحابة بموعدها أقام العشر ولم يتَّكل ، أقمِ العشر كلَّها فإنَّك حينها تدركُ اللَّيلة لامحالة ، والعاقلُ لايضيِّع العتقَ من النِّيران ومغفرةَ الذُّنوب ، لأجل مايُنشر هنا وهناك ، النبيُّ ﷺ وهو الَّذي غُفر له ماتقدَّم من ذنبه وماتأخر ، قام العشرَ واجتهد فيها ، فهل بعد ذلك تقول أقيمُ ليلةً وأترك البقيَّة ، أوأجتهد في بعضٍ دون بعض؟!
... أخى الكريم هل تدرك معني ليلة القدر ، ولماذا أخفى الله ورسوله ميعادها ؟!
... سميت (ليلة القدر) من القدر ، أي الشرف لعظم قدرها عند الله ، وقيل لأن الله سبحانه يقدر فيها ماسيكون هذا العام من أقدار الخلق
... سيتوقع الجميع تلك الليله وسيظلوا يصفوا فيها ، فلاتنشغل بكلامهم ، وابق فى طريق طاعتك لله بدون توقيت ، أو ميعاد ، لأن الله يريد قلبك وروحك معه أنى شئت ، وأينما كنت ، فالله سبحانه يحب قربك
... لاترهق نفسك ، ولاتنشغل بتخميناتهم ، واشغل نفسك بقربك ، وطاعتك لله ، لأنك لوظللت فى معية الله سيجعل أيامك ولياليك كلها أيام وليال قدر
... واعلم أن المحب الحقيقى لله لاتفتر همته أبدا فى طاعته ولاتنام عينه ولايندم على فوات ميعادها فهو يعتقد أن ليلة قدره هى ليلة عتقه من النار تلك الليلة التى يبكى فيها ندما على مافرط فى جنب الله وعاهد الله على التوبة النصوح
... إعلم أن العمل الذي يقع في ليلة القدر خير من العمل الذي يقع في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر
... هل تدرك معني أفضل من العمل في ألف شهر؟!
... أي أفضل من عمل مايقرب من ٨٣ سنة عباده ، لأن عبادتك في هذه الليلة قد تكون أفضل من عبادتك في عمرك كله لوخلت من ليلة القدر
... قد تحصل من الأجر في هذه الليلة أكثر من الأجور التي حصلتها في حياتك بأسرها
... يقول الإمام السعدي (وهذا مما تحار فيه القلوب وتندهش له العقول أن من الله علي هذه الأمة الضعيفة بأن جعل لها ليلة من عبد الله فيها فكأنما عبده ثلاثه وثمانين من الأعوام)
... أى أن من صلي ركعتين في هذه الليلة فكأنه صلى من ٨٣ سنة هاتين الركعتين ، كذلك من قام الليل في هذه الليلة ، ومن بكي من خشية الله في هذه الليلة فكأنما وعاء من الدموع وضع في ميزان حسناته ! ، ومن تصدق في هذه الليلة فكأنما تصدق بهذا المبلغ يوميا طيلة ٨٣ سنة ! ، ومن قرأ جزءا من القرآن في هذه الليلة فكأنما حافظ علي قراءة هذا الجزء لمدة ٨٣ سنة !
... هل فكرت كم سيكون الأجر ؟! ، إنه سيكون أكثر وأكثر من ٨٣ سنه لأن الله قال (خير من ألف شهر) أى أكثر
... والآن نفهم جيدا قول النبي صل الله عليه وسلم (من حُرم خيرها فقد حُرم)
... ولذلك حافظ النبي صل الله عليه وسلم علي الإعتكاف ولم يتخلف عنه ، لأن النبي لايريد أن يضيع أي لحظة في غير طاعة في هذه الليلة ، وقد غفر الله له ماتقدم من ذنبه وماتأخر !
... كان من هديه صل الله عليه وسلم إذا دخل العشر (أحيا الليل وأيقظ أهله وشد المئزر) , كناية عن التشمير في العبادة
... وهنا السؤال ماذا سيكون حالك في ليلة القدر ؟!
... ليلة القدر في ليلة من العشر الأواخر كلها
... اجتهد فيها كلها حتي تكون ممن أدركها يقينا ، ابذل مافي وسعك فلعلها لاتتكرر هذه الفرصة
... بلغنا الله وأياكم ليلة القدر وبارك لنا فيها وتقبلها منا يارب العالمين
... اللهم انك عفو كريم عظيم تحب العفو فاعفو عنا
... آمين . آمين . آمين ...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق