شعر: خالد الحامد
غَفَا فِي الرُّوْحِ وَجْدٌ مِنْ أَسَايَا
وَ سَهْمُ العِشْقِ يَرْقُصُ فِي حَشَايَا
وَعَذْبُ الآهِ يَسْكُنُ كُلَّ لَيْلِي
كَأْنِّي قَدْ رُبِيْتُ عَلَىٰ الرَّزَايَا
تُحَدِّثُنِي الأَمَاكِنُ عَنْ خُطَاهَا
وَكَمْ بِالشَوْقِ قَدْ خَارَتْ قُوَايَا!
رَحَىٰ الأَيَّامِ شَطَّتْ فِي ضَيَاعِي
كَأَنِّي صِرْتُ بَعْضاً مِنْ سِوَايَا
وَغَالىٰ فِي الهَوَىٰ دَهْرٌ عَتِيٌّ
أَذَاقَ الرُّوْحَ مِنْ وَجَعِ المَنَايَا
رُوَيْدَكِ قَدْ أَسَرْتِ القَلْبَ صَبَّاً
وَجُلَّىٰ الخَطْبِ لَمْ تُثْمِرْ مُنَايَا
وَيَا مَنْ فِي هَوَاهُ أَحَلَّ قَتْلِي
رَضِيْتُ القَتْلَ عِشْقَاً مُذْ صِبَايَا
وَدَرُّ القَتْلَ قَتْلِي حِيْنَ أَفْتَتْ
بِيَ النَظّرَاتُ كَأْسَاً مِنْ لُؤَايَا
مُبَرَّأَةٌ دِنَانُ الخَمْرِ فِي مَا
رَمَاهَا النَّاسُ فِي نَزْفِ الصَّفَايَا
فَمِنْكِ النَاعِسَاتُ أَشَدُّ سُكْراً
سَلَبْنَ الرُّشدَ مَهْراً فِي رُؤَايَا
فَيَا خُضْرَ العُيُونِ سَلِي الغَوَادِي
فَإِنَّ الغَيْمَ بَعْضٌ مِنْ بُكَايَا
فَأَخْشَىٰ أَنْ يَرَىٰ العُذَّالُ دَمْعِي
فَأَضْحَىٰ تُرْجُمَانُ النَّاسِ نَايَا
وَإِنِّي إِذْ عَصَيْتُ الدَمْعَ فَاضَتْ
كُؤُوْسُ الوَجْدِ تُخْبِرُ عَنْ حَنَايَا
تَهُزُّ إِلَيْكِ جِذْعَ العُمْرِ رُوحَاً
وَتُسْقِطُني كَمَا رُطَبٌ يَدَايَا
أَنَا السَّفَّانُ وَالشُّطْآنُ أُمِّي
إِلَيْكِ النَّوْءُ فَيْضاً مِنْ هَوَايَا
ألاَ لَيْتَ المُتَيَّمَ مُذْ صِبَاهُ
حَثِيثَاً مَاتَ فِي حُضْنِ السَّجَايا
لِيُبْعَثَ فِي هَنَاءٍ وَازْدِهَارٍ
جَمِيْلَ المَوْتِ مَبْتُورَ البَلايَا
أَنَا بِالدَاءِ كَيْفَ الرُّوْحُ غَنَّتْ؟
صَهِيْلُ العِشْقِ فِي عُمْقِ الثَّنَايَا
فَكَمْ أَطْرَبْتِ نَبْضَاً كُنْتِ فِيْهِ
مَوَاوِيَلَ الضِّيَاءِ عَلَىٰ دُجَايَا
أَجَمْرٌ كَانَ يَسْكُنُ فِي عُرُوقِي
أَمِ الأَشْوَاقُ هَاجَتْ فِي دِمَايَا
أَرَاكِ بِلَهْفَتِي أَجَّجْتِ نَاراً
وَأَوْصَدْتِ المَنَافِذَ فِي خُطَايَا
كَأَنَّكِ فِي العَذَابِ أَقَمْتِ عُرْساً
وَقُلْتِ: تَعَالَ نَسْطُرْهَا حَكَايَا
وَلَسْتُ بِزَاجِرٍ قَلْبِي وَلَكِنْ
رَأَيْتُ الحُلْمَ وَهْمَاً فِي المَرَايَا
كَذَا جُنَّتْ تَبَارِيْحِي وَشَطَّتْ
وَرُمْتِ الهَجْرَ كَأْساً عَنْ لُقَايَا
نَعَيْتُ البُعْدَ قَصْرَاً ثُمَّ جَمْعَاً
وَكُلُّكِ قَدْ تَجَمْهَرَ فِي مَسَايَا
كَأَنَّ الصُّبْحَ مِنْ عِنْدِي بَرَاءٌ
أَدَارَ الظَهْرَ مُذْ دَارَتْ رَحَايَا
فَهِيْضَ جِنْحَ أَحلَامِي العَذَارَىٰ
وَتُهْتُ طِرِيْدَ آمَالِي الصَّدَايَا
جَزَىٰ اللّٰه المَوَاوِيْلَ اللَّوَاتِي
لَهَا حَنَّتْ عَلَىٰ سَبْعٍ سَمَايَا
أَرَانِي دُوْنَ شَكٍّ لَسْتُ أَدْرِي
فِصَالِي كَانَ تُرْباً أَمْ أَذَايَا
فَلَوْلَا رَحْمَةُ الرَّحْمٰنِ نَحْوي
لَجَاشَ المَوْتُ يَنْسَخُ فِي البَقَايَا
كَفَانِي أَنَّنِي فِي كُلِّ ذِكْرىٰ
أَرَىٰ وَجْهَاً تُرَتِّلُهُ البَرَايَا
يَمُوتُ العَاشِقُونَ فَلَا مَمَاتٌ
أَحَاطَ المَجْدَ أَنْ يَرْجُو الرَّجَايَا
فَذَا كَأْسُ الصَّبَابَةِ أَنْتِ فِيْهِ
مُعَتَّقَةٌ بِشِعرٍ مِنْ شَذَايَا
أَقَمْتِ قِيَامَتِي وَحْيَاً أَرَاهُ
سَقَىٰ العُشَّاقَ فِي شَغَفٍ سَرَايَا
فَلَو قَدَرِي إِلَيْكِ أَصَابَ نَأْيَاً
خُذِي الأَسْبَابَ بِدْءاً مِنْ رَدَايَا
أُكَابِدُ كمْ شَرِبْتُ المَوْتَ طُرَّاً
وَكُلِّيَ مِتُّ شَوْقَاً مِنْ عَنَايَا
حَيَاةُ الصَّبِّ تُخْلَقُ مِنْ عَذَابٍ
وَمِنْ أَلَمٍ خُلِقْتِ وَذَا عَزَايَا
لِذَا الأَقْدَارُ حَالَتْ مَا رَمَيْنَا
كَأَنَّ الذَّنْبَ فِي صِدْقِ النَوَايَا
فَلَا لَوْمٌ عَلَيْنَا بَلْ رِثَاءٌ
لِهَذَا الذَّنْبِ تَقْتُلُهُ الخَطَايَا
فَطُوبىٰ لِلْقَصَائِدِ فِيْكِ تَتْرىٰ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق