السبت، 20 يوليو 2024

٠في جبلاية القرود٠(2) بقلم علوي القاضي

٠(2)٠في جبلاية القرود٠(2)٠
** لاعيش لاحرية لاعدالة إجتماعية **
بقلمي : د/علوي القاضي.
... في الجزء الأول سردنا تجربة علماء النفس والإجتماع في جبلاية القرود ، وشاهدنا كيف تذمر القرد على حارسه بعد أن ظلمه ، مايشير إلى أن غياب العدالة الإجتماعية يهدد السلم والأمن الإجتماعى ، وظهر ذلك جليا من ٱراء الحضور في ندوة المناقشة ، والٱن نستكمل الٱراء ووجهات النظر
... أثبتت التجربة أن العدل أساس الملك ، والحاكم الظالم لايستحق أن يطاع ، فلاطاعة لمخلوق في معصية الخالق 
... ( ياعبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا ) حديث قدسي
... عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( انْظُرُوا إِلَى مَنْ هُوَ أَسْفَلَ مِنْكُمْ ، وَلَا إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَكُمْ ، فَإِنَّهُ أَجْدَرُ أَنْ لَاتَزْدَرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ ) ، ولاشك أن العدل أساس الملك ، ولكن التجربة على قرود ، أما البشر فعلى الإنسان أن يرضى بما رزقه الله عز وجل ، ولايتطلع إلى مافي أيدي الناس ، لأن ذلك يورثه السخط وعدم الشكر على مافي يده ، وإذا لم يجد العدل يصبر ، قال الحبيب صل الله عليه وسلم ( ستجدون بعدي أثرة ، وأمور تنكرونها ، قالوا فلما تأمرنا يارسول الله ، قال أدوا ماعليكم وسلوا الله الذي لكم )
... أحسنت أخي عرض التجربة ، وسنضرب مثلا بسيطا ، حينما تجد نفس السن ، ونفس المؤهل ، ونفس مدة الخدمة ، وكلهم تحت قانون عمل واحد ، وهذا في قطاع معين وتجد الشخص الٱخر في وزارة من الوزارات الغير منتجة وتجد الفارق الهائل في المرتب ، كلامي ليس للأفراد لكني أوضح فقط أن هناك خلل في القوانين ، تؤدي إلى عدم تطبيق العدالة ، وأنا هنا لاأتكلم عن الأعمال الحرة ، لأن الأعمال الحرة إجتهاد شخصي ، وممكن يكون الإثنين في نفس المكان وبينهم تفاوت رهيب
... إسمعوا تجربتي ولاتتعحبوا ، تخرجنا سويا ، ودخلنا مجال نفس العمل سويا ، الأقدمية واحدة ، بإختصار كل شي بالتساوي ، ولكنه يتقاضى راتب أكثر مرتين عن راتبي لأنه ينتمي لحزب معين !
... التجربة معبرة جدا أفيقوا ياأولي الأمر ، أنشروا العدالة ثم العدالة ، فالعدل أساس الملك ، والعدل هو الله ، أما البشر تختل موازينهم في العدل لبشريتهم ، والرضا أعظم مايملكه المؤمنون ، لأن الرضا يوكل الأمر لصاحب الأمر ( العدل ) وهو الله ، العدل من أسماءه الحسنى ، يجب أن يرضي العبد بقسمة الله له ، ويسعد بها وإن رأي ملوك الأرض تفترش الثري ذهباََ 
... أختلف معك أخي في أن العدالة بين البشر فطرية وليست مكتسبة ، بل هي مكتسبة من التربية والتعليم والبيئة والأهل وكل مايحيط بنا ، وفي الأساس هي بيئة مجتمعية وحسن تربية ، وفعلا كما نتعلم العدالة نتعلم الظلم ، فالظلم له ألف مبرر لدى الظالم حتى يظلم الٱخرين ، ولفهم أعمق وأشمل للقضية ، فمن الضروري أن نتعمق بالفكرة أكثر وأكثر ، والمفروض أن نقر أن الإنسان يجب أن يرضى بما قسمه الله له ولاينظر إلى مامع غيره ، لأنه بذلك سينعم برضاه عما يملكه
... تفاوت نعم الله بين خلقه موجودة ، وهذه حكمة وعدل من الله في خلقه ، فهذا قد ميزه الله بكذا ، وٱخر قد ميزه الله بشيء مختلف ، وفي المجمل الكل متساوي ، لذا وجب علينا جميعا أن نرضى بما قسمه الله لنا رضاءا تاما ، لكن موضوع التجربة والهدف منها الذي بصدده حديثنا متعلق بالظلم بين الناس وعدم تطبيق العدالة ، فهل يجب علي المظلوم السكوت ؟! ، أم يسعى بكل السبل السلمية للوصول لحقه ؟!
... العدل وتوازن الأمور يوجد الألفة والمحبة دائما ، ليس بين الحيوانات فقط ، ولكن بين البشر أيضا ، خاصة فى الوظائف ، وفي كل مراحل التعليم فى حياة الإنسان !
... ورغم أن هذا القرد ليس له متطلبات حياتية مثل ( الإيجار وفاتورة الكهرباء والغاز والمياه والضرائب ، ده غير المأكل والمشرب والإحتياجات الخاصة ) ، ولكن الغريزة هى التي أدت لإعلان غضبه
... بارك الله فيك أخي ، لذلك كل الموظفين يطالبون بتطبيق سلم الرواتب الجيد ، فالكل يخدم ويساهم في بناء بلده ، هل وزارة البترول مثلا أو البنوك تقدم أفضل مما تقدمه وزارة التربية والتعليم أوالصحة وهكذا بقية الوزارات ؟! ، وإذا كان الجميع يخدم بلده من موقعه وإختصاصه فلم التمييز بين موظفي الوزارات ؟! 
... رغم إن التجربة جميلة من وجة نظري ، ربنا سبحانه وتعالي خلق الناس والمخلوقات في درجات ، فهل نتكلم عن الحقوق الإجتماعية ؟! ، أم الفروق في الوظائف والأعمال ؟! ، أم نتحدث عن عدل الله في الحقوق مثل الميراث والحقوق ؟! ، ولأن العمر لحظة ولادائم غير وجه الله ، فيجب علينا تطبيق العدالة في جميع الحالات
... أخونا الدكتور علوي بارك الله فيه ، وجزاه الله عنا كل خير ، قد أصاب والله وأحسن عرض التجربة ، بما فيها من دروس وعبر ، فقد قال رسول كسرى إلى سيدنا عمر بن الخطاب أمير المؤمنين ( حكمت فعدلت فأمنت فنمت ياعمر ) ، فالعدل والمساواة أساس دوام الملك وتحقيق الأمن والسلم الإجتماعي ، والملك لله الواحد القهار ، لكن كذلك الرضا بما قسمه الله هو سبب السعادة وهدوء النفس والبال
... كل هذه المعاني أكيدة لكن بعد تحقيق العداله ، فالرزق مقسوم ، والأمر محتوم ، والأنفاس معدودة في أماكن محدودة لاخلاف ، نعم ، ولكن بعد تحقيق العدالة
... أرى أن كل من يقومون بهذه التجارب يقومون بها لخداعك كإنسان ، صحيح أن القرد الأول أصبح يرفض الخيار ، حين رأى أن مكافأة القرد الثاني هي الموز ، ولكن لى تحليل من أمرين ( الأول ) إن رفض القرد الأول للخيار ، جاء بعد أن استحضر طعم الموز في مخيلته ، وتذوقه بالإيحاء وسال لعابه ، وقارن بين الخيار والموز فأصبح يرفض الخيار ، وليس لأن القرد الآخر يحصل على الموز وهو يحصل على الخيار ، وكان في ذلك تعذيب للنفس ، لذلك رفض طعم الخيار بعد أن تذوق الموز في مخيلته و ( ثانياً ) والأهم هو أن البشر ليسوا قردة لنشملهم بالتجربة وهذا مايريدون زرعه في عقلك بأن التجربة جرت على قردة ، فيزرعون في عقلك أنك أنت والقرد على نفس السيكلوجية ، فأنت ايضاً أصبحت مقتنع بأن التجربة تخصك كإنسان ، ونسيت أنك إنسان ولست قرد ، وقد يصل الأمر بهم لإيهامك أن الإنسان أصله قرد
... وهنا تدخلت في الحوار واعترضت على صاحب هذا الرأي ، وقلت له لكن أخي الكريم تشريحيا وفسيولوجيا فالقرود هى التي تلي الإنسان فى المملكة الحيوانية ، فمعظم ماهو جائز مع القرود ، جائز مع البشر تقريبا ، فالتجارب التي تجرى على القرود يراد بها البشر ، فالمفهوم عميق وواقعي ومؤثر جدا 
... ولو إفترضنا أن القرد الثاني عنده ١٠ أولاد والقرد الأول عنده ولد واحد ، فهل تكون المساواة عادلة ؟! 
فالمساواة قد تكون ظلم وليست عدلا ، والله سبحانه وتعالى قسم الأرزاق بين عباده ، فالفكرة والحكمة من هذه التجربة أن ( لاتمدن عينيك إلى مامتعنا به أزواج غيرك ، زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيها ) ، فالسعادة شعور ومعنى وقرار وبركة ، وليست مادة تقاس وتوزن
... لكنك نسيت أن هؤلاء قرود ، ونحن بشر نسيت نعمة الرضا ، والحيوانات ليست عندهم هذه النعمة والمعانى ولكنهم يتحركون بالغريزة ، يعني لو ربنا أعطاني بنين وأعطي ٱخر بنات ، ينقم الذي رزق بالبنات ، الخ ، وهذه الأمور لاقيمة لها عند الحيوانات
... وإلى لقاء في الجزء الثالث لإستكمال المناقشة
... تحياتي ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

لعبة النسيان بقلم عبداللطيف قراوي

بقلمي عبد اللطيف قراوي  ***لعبة النسيان، ***، ألم الماضي يمحوه النسيان. ويطْوى صفحات الحرمان. وينجينا من براثن الهديان. قنطرة عظيمة. تنقلنا ...