الأحد، 21 يوليو 2024

الاديب المتكامل بقلم وفاء داري

مقال حول ذكرى رحيل غسان كنفاني

الشهيد البطل "الاديب المتكامل" غسان كنفاني 
بقلم الأكاديمية وفاء شاهر داري
كاتبة وباحثة

 
الشهيد الذي طالما كتب عن الشهداء، المناضل الثوري الإعلامي والصحفي والمفكر والقائد السياسي والفنان والرسام، الأديب المتكامل. 
 تجسدت شخصية الاديب المتكامل بصفات متفردة في رجل واحد هو غسان كنفاني، رجل القضية الفلسطينية الوطنية الاستثنائي زمن الثورة.
غسان كنفاني من مواليد مدينة عكا، في الشمال الفلسطيني، في التاسع من نيسان عام 1936م، وعاش في يافا حتى أيار 1948 حتى أجبر على اللجوء مع عائلته إلى لبنان ثم إلى سوريا. عاش وعمل في دمشق ثم في الكويت وبعد ذلك في بيروت منذ 1960 وفي تموز 1972، اغتيل واستشهد مع ابنة أخته لميس في انفجار سيارة مفخخة على أيدي الموساد.
طردت عائلة غسان من فلسطين، اختار والد غسان كنفاني أن يبقى في قرية لبنانية صغيرة هي "الغازية" قريبة من الحدود، على أمل أن يكون من أوائل العائدين إلى منازلهم بعد انتهاء القتال، كان هذا أمل شبه اليقيني عند اغلب اللاجئين على نحو ما نص عليه قرار الأمم المتحدة بصدد اللاجئين الفلسطينيين (وهو القرار رقم 194، الفقرة الثالثة، الصادر في 11 كانون الأول 1948). ونحن نعلم جميعنا أن مثل هذا القرار لم ينفذ، حيث بُتِرَ حق العودة.
وانتقل والد غسان مع جميع أفراد عائلته إلى قرية جبلية في سوريا تدعى الزبداني. ثم انتقلوا لاحقا إلى دمشق، عمل غسان كنفاني في مطبعة في دمشق. وفي سنة 1955 طلبت منه "حركة القوميين العرب" أن يعمل في تحرير جريدتها "الرأي" وفي طباعتها. وانتسب إلى "الحركة" في ذلك العام، وفي العام التالي،انتقل إلى الكويت. وحصل في تلك الفترة على إذن بالعمل في سلك المحاماة في دمشق، وكان أكثر زبائنه من الفلسطينيين المدقعين. وواصل غسان خلال السنوات الست اللاحقة التي قضاها في الكويت نشاطه السياسي. وكان يدرّس الفن والرياضة، ولقد أثبتت تلك السنون أنها جزء هام جداً في حياته. فقد قضى معظم أوقات فراغه في الرسم والكتابة والقراءة، وانصبت أكثر قراءاته على السياسة ثم غادرة الكويت وجاء إلى بيروت للعمل في الحرية وبدأ مشاوره الثوري، وحسب كلمات جريدة الدايلي ستار في عددها الصادر في 9 تموز 1972، فإن غسان: "كان المقاتل الذي لم يطلق رصاصة واحدة. كان سلاحه قلماً، وميدانه صفحات الجرائد. لكنه آذى عدوه أكثر من رتل من المقاتلين". وهنا بدأ يشكل الخطر الأكبر الذي جعل من الصهاينة والمحتل العمل للتخلص من رصاص ورشاش قلمة والعزم على اغتياله في تموز 1972، وتم تم ذلك في بيروت مع ابنة أخته لميس في انفجار سيارة مفخخة على أيدي عملاء إسرائيليين.
آخر عمل له كان رئيس تحرير مجلة "الهدف" التي أسسها عام 1969 وهي لمجلة سياسية أسبوعية مجلة "الهدف"، مع أن مثل هذا القرار عنى انخفاضا في الدخل. لكن "غسان" لم يعمل لاعتبارات مادية، فقد كان الإلهام الذي يدفعه للكتابة والعمل المتواصلين هو النضال الفلسطيني/ العربي وتحرير فلسطين، وفي تموز 1969 صدرت الأعداد الأولى من الهدف برئاسة غسان، وكان على يقين أن المجلة سوف تنقل رسالة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والقوى التقدمية الأخرى إلى الجماهير العربية والرأي العام العالمي. وكان على حق، تحولت مجلة"الهدف" في السنتين اللاحقتين إلى واحدة من أفضل المجلات السياسية الأسبوعية في العالم العربي قاطبة، وترجم عدد كبير من مقالاتها إلى لغات أخرى. ولقد شارك غسان بصفته منظراً سياسياً في وضع البرامج والبيانات السياسية الصادرة عن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. وصمّم الكثير من ملصقات "الجبهة الشعبية"، وكتب الكثير من المقالات و أصبح الناطق الرسمي باسم "الجبهة الشعبية"، كان واجبه أن يحكي للعالم عن الثورة الفلسطينية.
أصدر غسان كنفاني حتى تاريخ وفاته وهو في ربيع شبابه ثمانية عشر كتاباً، ومئات المقالات والدراسات في الثقافة والأدب والسياسة والثورة والكفاح. كتب غسان كنفاني في أدب الأطفال، تجلى حب غسان للاطفال في مجموعته القصصية عالمٌ ليس لنا [1965] بحيث بدأ نشاط غسان كنفاني الأدبي في الحقيقة بكتاب صغير أهداه إلى لميس ابنة شقيقته التي طالما احبها وتعلق بها، حتى كُتب لها أن ترتقي شهيدة معه، والتي طالما تعلقت به هي أيضًا وكانت المفارقة أن يكون الشهيد الذي كتب عن الثورة والكفاح والشهادة حتى بات مصيرة ان يرتقي شهيد وينضم لقوافل الشهداء. وبعد استشهاد غسان كنفاني اصبح نموذج لصوره البطل في قصص أطفال فلسطين، (الكاتب الشهيد الذي كتب عن الشهيد البطل) وقد كتبت دراسة بحثية بعنوان" صورة البطل في قصص أطفال فلسطين" دراسة بحثية صدرت عن دار شمس في القاهرة عام 2023، حيث شارك الكتاب في عدة معارض دولية للكتاب منها فلسطين الشارقة والقاهره والعراق ومسقط عام 2023/2024، وكانت الدراسة ترتكز حول قصص غسان كنفاني لصورة البطل في قصص أطفال فلسطين. 
 
لقد أمل العدو باغتيال الاديب الصحفي والمفكر صاحب رشاش القلم الوطني الثائر والمقاوم، موجه الرصاصات لصدر العدو مباشرة في مقتل، بنشر الاستسلام في صفوف الشعب الفلسطيني وأملوا ان تُشَلّ وتُدفن حركة المقاومة الفلسطينية، لكنهم لم يحصدوا إلا النقيض، زادت المقاومه والكفاح على مر السنون ، ونشأ جيل بعد جيل تربو على ادب غسان الثوري والمقاوم المكافح فلقد فهم الناس عظمة غسان، وأحبوه، حتى نشأ الأطفال على المقاومة والكفاح، حتى اصبحوا رجال المقاومة والذين اثبتوا جهادهم ومكافحتهم لحمايه الوطن والقضية ودلالته ما نشاهده اليوم في ارض المعارك .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

يا غفوة ليلة بقلم ابو خيري العبادي

بقلمي...... يا غفوة ليلة في رجفة الجسد ويا وحدتي عند السكون في مسكني جلست بقربي تكلمني كلمات قالت أتسمعني قلت بلا اني أسمعك قالت ستشفى من كل...