السبت، 10 أغسطس 2024

جرح مفتوح بقلم عماد سالم ابوالعطا

جرح مفتوح

أقف وحيداً تحت سماء غزة الحزينة أشاهد أنقاض بيوتنا تتلاشى كالأوراق في الخريف
أسأل نفسي أين صوت ضحكات الأطفال التي كانت تملأ شوارعنا؟ 
أين أنتِ يا غزة من بين صرخات الأبرياء الباحثين عن الأمان؟
أين أنتِ من صرخات الأطفال وصرخات الأمهات؟
هل ستظلين هكذا مدينة يتيمة تبكي دماً ؟
يا مدينة الألم متى ستنتهي مُعاناتك؟
نحن بشر نتنفس الألم ونعيش في كابوس لا نهاية له
أحلامنا غرقت وقلوبنا تحولت إلى رماد 
أطفالنا يصرخون بصمت وشيوخنا يلفظون أنفاسهم الأخيرة في زوايا مُظلمة
أين أنتم يا من تدعون الرحمة؟ 
أين ضميركم الذي غطته دماء الأبرياء
نصرخ في وجه الصمت
ندعو في ليل بلا نجوم
أين أنتم يا من تدعون الإنسانية؟ 
أين وعدكم بمُستقبل مُشرق؟  
لقد تحولت أحلامنا إلى كابوس وضحكتنا إلى أنين
من زرع الشوك في قلوبنا وحول بيوتنا إلى أنقاض؟  
من المسؤول عن كل هذه الدماء التي سالت؟ 
من سُيحاسب من حولوا ديارنا إلى مقابر؟
الحجر يشكو ، والشجر يبكي ، والأرض تئن تحت أقدامنا 
أين الملاذ من هذا الألم؟ 
أين النجاة من هذا الظلام؟
أين العالم من مُعاناتنا؟ 
الحرب دمرت حياتنا وحولتنا إلى لاجئين في وطننا
الموت يُحيط بنا من كل جانب والمرض ينتشر بيننا كالوباء بلا إستثناء 
أحلامي تحولت إلى رماد وقلبي إلى خراب 
كل يوم يمر أجد نفسي أزداد انكساراً وأنا أسير في متاهات اليأس
حاصرتني الوحدة وحطمت أحلامي فصار قلبي سجناً يفيض حبراً أسود على صفحات حياتي
ووسط هذا الظلام الدامس،
وبين رماد الذكريات المؤلمة وأشباح المُستقبل أبحث عن شرارة أمل
لكني لا أجد سوى صدى لخطواتي الضائعة 
فكم هو مؤلم أن أكون مُحاطاً بالناس وأشعر بالوحدة أحلم بأن أكون طيراً حراً يُرفرف في سماء واسعة
لكنني أجد نفسي أسير في متاهة من اليأس ، كل حجر أراه يُذكرني بإنهيار قلعتي وكل نسمة هواء تحمل أنين طفولتي الضائعة
فكيف لي أن أطير وأنا مُحمل بآلام الماضي؟
فالحياة التي كانت مليئة بالأمل هل سأجدها في هذا الحاضر المُظلم؟ 
أم سأظل أسيراً لكابوس الماضي؟ أتذكر أن الحياة دورة وأن بعد كل نهاية هُناك بداية جديدة
لكن هل سأتمكن من العثور على تلك البداية؟
أبحث عنها بين أنقاض ما مضى وأشعر بالضياع هل سأجد معنى جديداً؟ 
أم سأظل أبحث بلا جدوى في هذا الكابوس الذي يُحيط بي؟

أنظر إلى السماء وأتساءل هل يُدرك الكون عُمق جراحنا؟ 
أم أننا وحدنا نتحمل أعباء الماضي؟
كل يوم يمر علينا هو يوم جديد من المُعاناة والألم 
أنظر إلى البحر وأتساءل هل يُدرك البحر عُمق جراحنا؟ هل يشعر بألمنا؟ 
أم أنهُ كالبشر صار قلبهُ قاسياً؟ 
أين العالم من كل هذا؟
أين الإنسانية من كل هذا الظلم؟
أيها العالم هل تسمعون صراخنا؟ 
هل تُشاهدون دمارنا؟
أين أنتم من مبادئ الإنسانية؟ 
أين ضمائركم؟ 
هل ستقفون مكتوفي الأيدي أمام هذا الظلم؟ 
هل ستقفون شاهدين صامتين على هذة المجزرة البشعة؟ 
أم ستتحركون لإنقاذ أرواح الأبرياء؟
غزة ليست مُجرد أرقام بل هي وطن بأكمله يستحق الحياة

لن أبكي عليكِ طويلاً 
فدموعي ليست سوى دليل على حُبي العميق لكِ أغرق في بحر من الحُزن وأصارع أمواج اليأس
لكنني أرفض الاستسلام فأنا أؤمن بأنني سأخرج من هذه المحنة أقوى وأشجع
سأزرع في قلبي بذور الصبر وسأسقيها بدموعي حتى تُثمر لي حياة جديدة مليئة بالبهجة
أخشى أن أفقد عقلي من هول ما أرى أرى أطفالي يلعبون بين الدمار وأسمع صراخ زوجتي وهي تبحث عن مأوى آمن أين أذهب بهم؟ إلى أين أهرب؟
لا مفر فكل مكان حولنا مُحاصر 
أحب الحياة وأحب عائلتي لكن الخوف من الفقد يُطاردني
أراكِ في كل شروق شمس جديد وفي كُل نسمة هواء عابرة
وفي كل قطرة مطر تسقط على أرضك الطاهرة
أنتِ موجودة في عيون أطفالنا وفي أحلام شبابنا وفي قلوب شيوخنا
وفي كل لحظة جميلة نعيشها
أحلامنا تتحطم كالأوراق أمام الريح آمالنا تتلاشى كالدخان في الهواء
نحن بشر لدينا مشاعر وأحاسيس نتألم ونفرح نُحب ونكره
ولكننا نتحمل ما لا يُطيقه بشر ونصبر على ما لا يصبروا عليه
إلى متى سنظل نتحمل هذا العذاب؟ إلى متى سنظل نرى أحباءنا يُعانون؟ هل سنظل أسرا للألم والحُزن؟
سنبني لكِ مُستقبلاً مُشرقاً مليئاً بالأمل والفرح
سنزرع في أرضك بذور الحُب والسلام وسنحصد ثمار العدل والمساواة
في كل ليلة أدعو الله أن يهبنا السلام وأن يُزيل عنا هذا الظلم
أتمنى أن أرى الإبتسامة على شفاه أطفالي وأن أشعر بالأمان في بلدي
أريد أن أعيش حياة طبيعية 
حياة مليئة بالأمل والحُب

عماد سالم ابوالعطا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

لعبة النسيان بقلم عبداللطيف قراوي

بقلمي عبد اللطيف قراوي  ***لعبة النسيان، ***، ألم الماضي يمحوه النسيان. ويطْوى صفحات الحرمان. وينجينا من براثن الهديان. قنطرة عظيمة. تنقلنا ...