الجو مكفهر والطقس بارد والناس نيام في نوم عميق تحت الافرشة الصوفية...فهم يغطون في احلام جميلة في بعض الأحيان ومزعجة في أحيان أخرى ...كانوا لا يحسون بالبرد تحت الأغطية الصوفية والقطنية... لا يشعرون بالصقيع وهو يتحسس أصابهم ويسير معها إلى كل أعضاء أجسامهم ...كانوا لا يشعرون بذلك ولا يحسون به. وكان في زوايا المدينة الراقدة المظلمة شخص يتعذب ...تلسعه عقارب الصقيع في كل نقطة من جسمه ...تصطك أسنانه على بعضها يبكي ولكن ليس هناك من يشعر بوجوده...فالناس نيام والمدينة حالمة تحت أغطيتها الصوفية ...فيوقد النار عله يبعد عنه بعض البرد ...ينظر إلى شقق الباب عله يرى تباشير الصباح حتى يهرع إلى عمله فهو لا يريد أن يشتري حذاءا جديدا ولا كسوة ولا يريد أن يذهب إلى المقهى ...انه يريد ف أن يجمع بعض المال ليشتري مثلهم غطاءا صوفيا لينام ويحلم ...ويحلم....
البرد يلسعه وصاحب المعمل يوجه له كلماته الجارحة وأصدقائه يسخرون منه لضعف جسده ..." مسكين تقولش عليه ما هوش ياكل" فيجيبه الآخر : " ويني فلوسك ؟ " و...و... فيحس بالاختناق . ماذا تريد مني هذه الشرذمة من البشر ؟...ماذا يهمهم مني سوف أصبح مثلهم عندما اتحصل على أرباح هذه السنة ... سوف أشتري ثيابا جديدة وساكل كثيرا حتى أسمن مثلهم...
كانت هذه حياة أحمد لا يشعر بالسعادة لا بين أصدقائه لا في بيته ...طلع فجر ذلك اليوم الممطر وتطلع معه أحمد إلى حياة لا يعرف نتيجتها ...خرج هائما على وجهه ودع المدينة بدمعة الفراق وبسمة الأمل الضائع ....
-ألم تسمع أحمد قد ذهب إلى فرنسا ؟ "صح ليه سوف يعود بكثير من المال وسوف يعود بكل أنواع الثياب ذات الصيت العالمي ...دبرها كي خرج لفرانسا ...و...
-ها...شنوة تمشيش تنسانا عاد !!! تفكرنا حتى بكارط بوسطال ...بره عاد شيخ في فرانسا ...نساء ...وكبرهات ...و...
مساكين يا لسخافة عقولهم أنهم لا يفكرون الا في الملذات واللهو ...لن يعرفوا مالذي جعل أحمد يهاجر ويغادر وطنه وأقاربه وأصدقائه...انه لن يذهب لفرنسا من أجل النساء والكبرهات ولا من أجل الفسحة والتجوال. انه ذاهب لكي يجمع المال حتى يصبح مثل أهل مدينته يلبس مثلهم ويشتري غطاءا صوفيا مثلهم ويتمتع بالدفء والحياة السعيدة مثلهم ..
حمل أحمد حقائبه واتجه نحو المطار ليمتطي الطائرة التي ستقلع إلى مرسيليا تلك المدينة التي سمع عنها الكثير لعله.....................
تصور: الطاهر الماجري
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق