هائم أنا كليل داج على صحراء قاحلة . لا أعرف عليها رسم واضح ... هائم كخيال جن عليه فكر ولم يوضح ففر من البال والقلب لا يستقر ... هائم أنا أحسب ما لا يحسب وأنسى ما يحسب . وأفكر فيما لا يجب علي ان أفكر .... كأني والعمل في عراك مستمر وجفوة لا تنتهي ... هائم أنا ... أفكر ... أكاد أتلاشى أمام سر نفسي ... يكاد رأسي ينفلق فقد تكدست به قضايا مختلفة وتراكمت عليه الهموم من كل جانب. ماذا به يا ترى ؟
بالأمس كنت مطمئن البال... خال الفكر ... كنت كشجرة تمنح الظل وتعطي الثمار وتهدي الورود وتحمي العصافير الصغيرة ...بالأمس كنت كمن يبكر ليرى شروق الشمس في الصباح ويسمع العصافير في زقزقتها الأولى ....ليقضي يومه لا هم في القلب ولا حسرة في الروح ... أما اليوم فقد اغلقت أمامي الأبواب فعدت من جديد إلى التسكع في الشوارع .جلست تحت الحائط أفكر... مددت يدي لأخرج سيجارة من جيبي فلم أجد الا بقايا دخان في الجيب القذر ... من أين لي بالدخان والجيب خاو من كل شيء ... من أين لي بالطعام واليد بيضاء كالاناء بعد غسله ... من أين لي وأنا لا مال في إليد ولا عما اقتات منه ؟... هل ... هل أسرق ...؟ أقتل ؟... لكي اتحصل على الخبز ؟... ولكن ...
وعزمت على ما داري فكري وأخذت ابتعد شيئا فشيئاعن حضيرة المجتمع ... اخذت أحل قيوده بكلتا يدي . أمزقها بأسناني ... فأحس بلسعات موجعة ... برصاص قاتل في قلبي ... أحس بأن هناك من يريد التخلص مني ... فأنقض عليه بكل ما لدي من قوة اتصارع معه ... أشبعه ضربا ...ولكن قواي خارت وأحسست بالدوار في رأسي وأغمي علي ......
سأملأ كأسي برحيق من السم فالسم نبع فياض ودفق وجودي لا ينضب . فمهما غرفنا منه يظل يغرقنا بالجمال ... ومهما نهلنا منه يظل يسكرنا بالامال والحب ... سأهب حياتي له ... سأجعل منه الاهي ورفيقي وعبدي... فأمره ساجدا واعبده سيدا وأشكو له همومي كإنسان حبيب ....
وتجاوبت معي كل الأصداء في أنحاء القبو الخاوي وتضاعفت الأصوات ... واشتد الضجيج وازداد العذاب . ودوت الصرخة تلو الصرخة وراحت كلمات رتيبة عارية من غير معنى تنصب علي ... وحاصرني الضباب من كل مكان .. واندلعت
صرخة أخرى من أعماق الأقبية كلسان جديد وهي تتجه كلها تحوي... تتحدث بلغة لا تفهم ... انه محرم... وارتعدت فرائصي ماذا تعني باامجرم ؟... وبقيت والمجنون وقد دارت في خاطري عدة اشياء ... هل اشرب وارقص وأعربد وأنسى وجودي ؟... وبطبيعة الحال أم استطع قبول الموقف فانهارت أعصابي وأثبت بالجنون ............
بقلم: الطاهر الماجري
تونس في 2015
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق