الجمعة، 11 أكتوبر 2024

(1)»الواقع الإفتراضي«(1)» بقلم علوي القاضي

«(1)»الواقع الإفتراضي«(1)» 
دراسة وتحليل : د/علوي القاضي.
... الواقع الإفتراضي والواقع المعزز من طفرات وتقنيات التكنولوجيا في العصر الحديث ، فالواقع الإفتراضي (VR) (Virtual Reality) ، والواقع المعزز (AR) Augmented Reality ، هما تقنيتان متقدمتان في مجال التفاعل البشري مع البيئة الرقمية ، ولكن يختلفان في الطريقة التي يتفاعل بها المستخدم مع العالم الإفتراضي أو المعزز 
... والفرق بينهما أن (العالم الإفتراضي) ، هو البيئة التي نقوم بمحاكاتها إلكترونيا من خلال الكومبيوتر أو أجهزة التواصل الأخرى عبر الصوت والصورة والمجسمات وماإلى ذلك ، وسبيلنا إلى ذلك تطبيقات الإنترنت وبهذه التقنية تحول العالم إلى قرية كما جعلته واقع إفتراضي  
... وبذلك نستطيع أن نقول أن (الواقع الإفتراضي) هو تجربة الحياة في واقع مبني بإستخدام أجهزة تقنية ومعالج حاسوبيّاً ، والذي يسمح لك بتجربته ضمن عالم ثلاثي الأبعاد أقرب ما يكون للواقع ، أو يكاد أن يكون واقعيّاً لدرجة مذهلة أحياناً ، ومن بين تطبيقاتها التي تغزو حياتنا اليومية ، وتجارب غامرة تساعد على عزل المستخدمين عن العالم الحقيقي عن طريق الصداقة الإفتراضية  
... وهنا نسأل ، إذا ماهي الصداقة الافتراضيّة ؟! ، هي علاقة إليكترونية بين أشخاص على شبكة الإنترنت ، وفي العديد من الحالات لايعرفون بعضهم إلا عبره ، حيث أنك لاتتعامل مع الصورة الحقيقية للشخص ، بل النسخة المحسنة المثالية والمنقحة منه ، والتي من الممكن أن تكون كاذبة لأنها مبنية على أفكار إفتراضية تحتاج إلى الدليل (فهي مصدر صناعي إفتراضي) ، وخاصة مع إنتشار مجموعة من برامج الذكاء الإصطناعي ، التي مكنت بعض المنصات والتطبيقات خدمة (الصديق الإفتراضي) من نوع آخر ، وهو عبارة عن روبوت دردشة يمكن تخصيصه ، وتوجيه الأسئلة له وإنتظار الإجابات منه 
... لهذا تعتبر هذه الصداقة التي نعيشها في حقيقة الأمر قائمة على الإفتراض ، لذلك سميت (الصداقة الإفتراضية) ، ولايمكن أن تصبح العلاقة حقيقية إلا إذا كشف كل طرف للأخر ماكان يخفيه ، حتى يشعر كل طرف بقبول الآخر له ، بكل حقائقه ، وليس فقط الجانب الإيجابي منه ، كما يعتمد على فرضية أو نظرية بدلا من التجربة أو الخبرة 
... وبناء على ماتقدم يجب أن نسأل أنفسنا ، كيف نبني الشخصية الإفتراضية للجمهور الإفتراضي ؟! ، للإجابة ، نقول أن هناك خطوات ضروري العمل عليها وتطبيقها ، فيجب تحديد جمهورنا المستهدف ، ثم دراسة التركيبة السّكانيَّة للجمهور المُستهدف ، ودراسة سيكولوجيَة الجمهور وفهم الأدوار التي يقوم بها ، ثم تحديد الإتجاهات السلوكية للجماهير ، وبعد ذلك تحديد أهداف العميل لمعرفة كيف يمكننا المساعدة ، وفي الأخير نقوم بإنشاء شخصية الجمهور لحملتنا التسويقية 
... وفي أحد الندوات الثقافية سألني أحدهم ، ما الفرق بين الصداقة الإلكترونية والواقعيه ؟! ، مما سبق يتضح لنا أن في (الصداقة الحقيقية) غالباً مايكون الصديق الحقيقي صريحاً ، ويهتم بمصلحة الٱخر ، وصادقاً في مشاعره طبقا لمعايير الصداقة الحقيقية ، من الثقة والأمانة والصدق والمحبة والإخلاص وتقارب الفكر والقيم ، أما الصداقة الإلكترونية فهناك مجال كبير للكذب والإفتتان والمجاملة الزائفة 
... نفس الفرق تماما بين (العالم الحقيقي) و (العالم الإفتراضي) ، فإننا يمكننا القول بأن الفرق بينهما ببساطة شديدة يتمثل في أن في (الواقع الإفتراضي) نميل إلى إستبدال العالم الحقيقي بعالم إفتراضي ، كما يتم الإنغماس فيه بشكل كامل ، بينما في (الواقع الحقيقي) نحاول إضافة ماهو إفتراضي إلى العالم الحقيقي ، وذلك لتعزيز إدراكنا ورؤيتنا الحية له ، بدمج البيئتين معًا لتحسين تجربة المستخدم في العالم الحقيقي ، ولذلك كان للتواصل الإفتراضي (سلبيات) ، منها أنه قد يؤدي إلى فقدان الشعور العميق بالصداقة الحقيقية والواقعية ، وصعوبات في التواصل مع الأصدقاء الحقيقيين والتقرب منهم ، أوالحديث معهم ، مما يؤدي إلى العزلة ، وتزيد من إعتمادية الفرد في علاقاته على الإكتفاء بالتواصل الإجتماعي ، مما يؤدي إلى تعزز فرص إدمان الإنترنت ، الأمر الذي يؤثر بشكل مباشر على الصحة والسعادة والوحدة ، ومن فوائد و (إيجابيات) التواصل الإفتراضي ، أنه يمكن نشر أو الوصول إلى المعلومات بسهولة ، ويمكن أن يكون وقت الإستجابة سريعًا جدًا و بأقل تكلفة ، ومما سبق فإنني لاأنصح بالصداقة عبر الإنترنت وأعتبرها مضيعة كبيرة للوقت ولاتشعرك كثيرا بعمق الصداقة ولاتستطيع التأكد من حقيقة الأمر ، وقد يختفى الشخص بدون أي سابق إنذار ، أي أنها صداقات وهمية وهشه
... ويعتبر العالم الإفتراضي عالم موازٍ للعالم الحقيقي ، وأدبياته مختلفة عن الواقع ، والفراق فيه قد يقود لمشاعر سلبية عند من يجعلون الإفتراضي مرادفًا للواقعي فيتعاملون معهما بنفس الفهم ، لكن العاقل من يفرق بينهما ويعلم أنهما على إختلاف بنيوي ، وهذا الفهم سيساعده على تقبل من (فارقه أو إختفى) عنه فيصبح باحثًا عن غيره وكأنه لم يكن له ، وهذا الإختفاء يسمونه (الموت الفيسبوكي) ، في الواقع يخطف الموت منا أحبابا وأصحابا دون أن نودعهم ، لكن في هذا الواقع الإفتراضي نفقد أشخاصا تعودنا عليهم وعلى أفكارهم دون أن يعطونا فرصة لتوديعهم ، إنه (الموت الفيسبوكي) ، بالأمس وأنا أتجول في أرشيف رسائلي وإذا بي أكتشف إختفاء حسابات عدة ، أصحاب كانوا إلى وقت قريب يقاسموننا هذا الواقع الإفتراضي ، نعم غابوا دون أن يعلمونا أويعطونا فرصة لتوديعهم ، والدعاء لهم بالتوفيق ، فقد رحلوا إلى الأبد ! ، أعني أنهم ماتوا لدينا ونحن متنا لديهم وهذه هي الأبدية ، حتى لو التقينا في الواقع لن نعرف بعضنا البعض ، حتى ولو أرتشفنا فنجان قهوة على طاولة واحدة فلا نعرفهم ، ولاهم يعرفون ماذا كنا نمثل لبعضنا البعض ، في هذا العالم الإفتراضي صحيح أننا نتعامل مع مجرد شخصيات وهمية ، لكن هذا لايمنعنا من بناء شعور ودي معهم ، ولايمنعنا من مقاسمتهم أفراحهم وأحزانهم وأفكارهم ، مع الإعتراف بصعوبة الديمومة ، سبحان الله كبسة زر كافية بإنهاء كل شيء 
... أيها الأحباب لاتستهينوا بالصداقة مهما كانت إفتراضية ، فلا ضير من إرسال كلمة (في أمان الله) لجميع الأصدقاء والمغادرة في هدوء ، كلنا سنغادر هذا الواقع الإفتراضي ، لكننا سنترك صفحاتنا شاهدة علينا وللذكرى حتى يقول الجميع
..(من هنا) قد مر أحدهم أو مرت إحداهن 
..(من هنا) نقرأ ونضحك ونتعلم ونتخاصم 
..(من هنا) عشقنا الصور والحروف 
..(من هنا) سمعنا أرقى كلمات الود والحب
..(من هنا) أحييكم جميعا وأوصيكم بإحترام صداقاتكم ، فليست مجرد صور ، فخلف تلك الصور أرواح تتنفس وتفكر وتشعر
... وإلى لقاء في الجزء الثاني إن قدر لنا ذلك وقدرت لنا الحياة
... تحياتي ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

ما ضرّ عيناكِ تُسقِي القلبَ ما يرِدا بقلم عبد العزيز دغيش

ما ضرّ عيناكِ تُسقِي القلبَ ما يرِدا أما يُرى أن الروح فيك قد شردا غاب عني وبات نهباً لأساهُ وللردى يقضي نهارَه في العراء دون شربٍ ودون زادٍ...